وَالثَّاني: كَذَلِكَ؛ لِلْعِلْمِ بِأنَّهُ خَارجٌ عَنْ قَانُونِ اللُّغَةِ؛ إذْ لا تَرْكِيبَ مِنْ ثَلاثَةٍ، وَلا يُعَرَّبُ الْأَوَّل، وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ، وَلاِمْتِنَاعِ إعَادَةِ الضَّمِيرِ عَلَى جُزْءِ الاِسْمِ فِي: "إلَّا نِصْفَهَا"، وَلإِجْمَاعِ الْعَرَبيَّةِ … إِلَى آخِرِهِ.
قَالَ الْأَوَّلُونَ: لا يَسْتَقيمُ أَنْ يُرَادَ "عَشرَةٌ" بِكَمَالِهَا؛ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِـ "سَبْعَةٍ"؛ فَيَتَعَيَّنُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالإقْرَارِ - باعْتِبَارِ الإسْنَادِ؛ وَلَمْ يُسْنِدْ إلَّا بَعْد الإخْرَاجِ.
قَالُوا: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ عَشَرَةً امْتَنَعَ مِنَ الصَّادِقِ؛ مثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العنكبوت: ١٤].
وَأُجِيبَ: بِمَا تَقَدَّمَ.
الشرح: قال: "والثاني" أي قول القاضي "كذلك" أي: لا يستقيم أيضًا لوجوه ثلاثة:
"للعلم بأنه" تركيب "خارج عن قانون اللغة؛ إذ لا تركيب" فيها "من" ألفاظ "ثلاثة".
"ولا يعرف الأول" منها، وهو العشرة في مثالنا، "وهو غير مضاف"، بل إنما يعرف الأول إذا كان مُضَافًا، فإذا لم يكن مُضَافًا كان مثبتًا، وهذا المركّب بخلافه، فكان خارجًا عن اللغة، ويمكن أن يجعل هذان وَجْهين يدلان على خروجه عن قانون اللغة، فيقال: هو خارج؛ لكونه من ثلاثة ألفاظ، ولكونه من ألفاظ الأول منها معرب غير مضاف، وليس في اللّغة شيء من ذلك بالاستقراء.
"ولا متناع إعادة الضمير على جزء الاسم في: "إلا نصفها"؛ للقطع بأن الضمير يجب عوده إلى كمال الاسم، فلا يكون المراد بالجارية نصفها.
"ولإجماع" أهل "العربية" على أن الاستثناء المتصل إخراج بعض من كل … "إلى آخره" كما ذكرناه في إبطال قول الأُوليين.
الشرح: ولقائل أن يقول: "قال الأولون" احتجاجًا لأنفسهم: "لا يستقيم أن يراد" بقوله: عندي "عشرة" إلا ثلاثة عشرة "بكمالها للعلم بأنه ما أقر إلا بسبعة؛ فيتعين" أن يكون المراد بالعشرة سبعة.
"وأجيب: بأن الحكم بالإقرار" إنما هو "باعتبار الإسناد" المتأخر عن إخراج ثلاثة منها، "ولم يسنِد إلا بعد الإخراج"؛ فلا يلزم كونه مقرًا بعشرة.