الشرح: وقال "أبو الحسين (١): إن تبين الإضراب عن الأولى، فللأخيرة، مثل أن يختلفا نوعًا" بأن تكون إحداهما خبرية، والأخرى إنشائية أو فعلية، والأخرى اسمية، "أو اسمًا وليس الثاني ضميره" أي: وليس الاسم الثاني ضميرًا يعود إلى الاسم في الجملة الأُولى نحو: أكرم بني تميم، وأكرم ربيعة إلَّا الطوال "أو حكمًا" حال كونهما "غير مشتركين في غرض" نحو: أكرم بني تميم، واستأجر ربيعة إلَّا الطوال، "وإلا فللجميع".
"والمختار" عند المصنف "إن ظهر الانقطاع" انقطاع الجملة الأخيرة عن الأُولى بأمارة، "فللأخيرة و "إن ظهر "الاتصال" كان "للجميع، وإلَّا فالوقف".
واعلم أن هذه المسألة من أمهات المسائل، وأصول المذاهب فيها ثلاثة:
العود إلى الجميع، أو الأخيرة فقط، والوقف إما بمعنى لا يدري، وهو رأي القاضي، أو الاشتراك وهو رأي الشريف، وما سوى هذه المذاهب عائد إليها ويحوم عليها.
والقول الوجيز في المسألة الجامع لِشَتَاتِ المذاهب: أنَّ الاستثناء إذا تعقّب مذكورات قبله متعاطفة، فإما أن يقوم دليل على واحد منها من قرينة خارجية، أو كان بحيث لا يصلح إلا له فيختص به، سواء أكان الأخير أم غيره.
وإما ألَّا يقوم، بل كان صالحًا للجميع؛ وهو محلّ الخلاف.
مثال قيام الدَّليل على اختصاص الأولى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٤٩]، وهذا مختص بالأول، ولا يجوز عوده إلى الأخيرة، وإلا يلزم أن يكون "من اغترف" فليس منه، والمعنى على خلاف ذلك؛ فإن المقصود أن من لم يَطْعَمْهُ مطلقًا ومن اغترف منه غرفة على حدّ سواء.