للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ونظيره قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٥٢]، فإنه عائد إلى الأولى، ولا يجوز عوده إلى الأخيرة، وإلَّا يلزم أن يكون قد استثنى الإماء من الأزواج.

ونظيره قوله : "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَة الْفِطْرِ" (١)؛ فإنه عائد إلى الأول فقط.

وقال عامة أهل التفسير (٢) في قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة النساء: الآية ٨٣]،: إنه استثناء من قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ


(١) أخرجه البخاري ٣/ ٣٨٣ كتاب الزكاة: باب ليس على المسلم في عبده صدقة (١٤٦٤) وأخرجه مسلم ٢/ ٦٧٥ كتاب الزكاة: باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه ٨ - ٩٨٢، ٩ - ٩٨٢.
(٢) اختلف المعربون لهذه الآية على أقوال: أحدها: أنه مستثنى من فاعل "اتَّبعتم" أي: لاتَّبعتم الشيطانَ إلا قليلًا منكم، فإنه لم يَتَّبع الشيطان، على تقديرِ كونِ فَضْل الله لم يأتِه، ويكونُ أراد بالفضل إرسالَ محمد ، وذلك القليل كقسِّ بن ساعدة الإيادي وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل، مِمَّن كان على دين المسيح قبل بعثة الرسول. وقيل: المرادُ مَنْ لم يبلغ التكليفَ، وعلى هذا التأويل قيل: فالاستثناء منقطع؛ لأن المستثنى لم يدخل تحت الخطاب، وفيه نظر يظهر في الوجه العاشر.
الثاني: أنه مستثنى من فاعل "أذاعوا" أي: أظهروا أمرَ الأمن أو الخوف إلا قليلًا.
الثالث: أنه مستثنى من فاعل "عَلِمه" أي: لعلمه المستنبطون منهم إلا قليلًا.
الرابع: أنه مستثنى من فاعل "لوجدوا" أي: لوجدوا فيما هو من عند غير الله التناقضَ إلا قليلًا منهم، وهو مَنْ لم يُمْعِن النظرَ، فيظن الباطل حقًّا والمتناقضَ موافقًا.
الخامس: أنه مستثنى من الضمير المجرور في "عليكم"، وتأويلُه كتأويل الوجه الأول.
السادس: أنه مستثنى من فاعل "يستنبطونه" وتأويله كتأويل الوجه الثالث.
السابع: أنه مستثنى من المصدر الدال عليه الفعل، والتقدير: لاتَّبَعْتُمُ الشيطانَ إلا اتباعًا قليلًا، ذكر ذلك الزمخشري.
الثامن: أنه مستثنى من المتَّبع فيه، والتقدير: لاتبعتم الشيطان كلُّكُم إلا قليلًا من الأمور كنتم لا تتبعون الشيطان فيها، فالمعنى: لاتبعتم الشيطان في كل شيء إلا في قليلٍ من الأمور، فإنكم كنتم لا تتبعونه فيها، وعلى هذا فهو استثناء مفرغ، ذكر ذلك ابن عطية، إلا أنّ في =

<<  <  ج: ص:  >  >>