(٢) اختلف المعربون لهذه الآية على أقوال: أحدها: أنه مستثنى من فاعل "اتَّبعتم" أي: لاتَّبعتم الشيطانَ إلا قليلًا منكم، فإنه لم يَتَّبع الشيطان، على تقديرِ كونِ فَضْل الله لم يأتِه، ويكونُ أراد بالفضل إرسالَ محمد ﷺ، وذلك القليل كقسِّ بن ساعدة الإيادي وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل، مِمَّن كان على دين المسيح قبل بعثة الرسول. وقيل: المرادُ مَنْ لم يبلغ التكليفَ، وعلى هذا التأويل قيل: فالاستثناء منقطع؛ لأن المستثنى لم يدخل تحت الخطاب، وفيه نظر يظهر في الوجه العاشر. الثاني: أنه مستثنى من فاعل "أذاعوا" أي: أظهروا أمرَ الأمن أو الخوف إلا قليلًا. الثالث: أنه مستثنى من فاعل "عَلِمه" أي: لعلمه المستنبطون منهم إلا قليلًا. الرابع: أنه مستثنى من فاعل "لوجدوا" أي: لوجدوا فيما هو من عند غير الله التناقضَ إلا قليلًا منهم، وهو مَنْ لم يُمْعِن النظرَ، فيظن الباطل حقًّا والمتناقضَ موافقًا. الخامس: أنه مستثنى من الضمير المجرور في "عليكم"، وتأويلُه كتأويل الوجه الأول. السادس: أنه مستثنى من فاعل "يستنبطونه" وتأويله كتأويل الوجه الثالث. السابع: أنه مستثنى من المصدر الدال عليه الفعل، والتقدير: لاتَّبَعْتُمُ الشيطانَ إلا اتباعًا قليلًا، ذكر ذلك الزمخشري. الثامن: أنه مستثنى من المتَّبع فيه، والتقدير: لاتبعتم الشيطان كلُّكُم إلا قليلًا من الأمور كنتم لا تتبعون الشيطان فيها، فالمعنى: لاتبعتم الشيطان في كل شيء إلا في قليلٍ من الأمور، فإنكم كنتم لا تتبعونه فيها، وعلى هذا فهو استثناء مفرغ، ذكر ذلك ابن عطية، إلا أنّ في =