للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ" [سورة النساء: الآية ٨٣] وهذا موضع الاستثناء بقوله: "إلَّا قَلِيلًا".

ومثال قيامه على اشتراك الكلّ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [سورة المائدة: ٣٣] الآية.

فإن الإجماع قائم - كما حكاه ابن السَّمْعَاني - على أن قوله فيها: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ [سورة المائدة: الآية ٣٤] عائد على الجميع.

وكذلك قوله تعالى: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [سورة آل عمران: الآية ٨٦ - ٨٩].

وكذلك قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [سورة المائدة: الآية ٣] وكذلك قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [سورة الفرقان: الآية ٦٨ - ٧٠] فإنه عائد إلى جميع ما تقدمه.

قال أبو عبد الله السّهيلي: بلا خلاف.

ومثال العود إلى الأخيرة جزمًا دون ما قبلها جزمًا قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [سورة النساء: الآية ٩٢] وهذا راجع إلى أقرب مذكور، وهو الدية دون الكفارة.


= كلامِه مناقشةً وهو أنه قال "أي: لاتبعتم الشيطان كلكم إلا قليلًا من الأمور كنتم لا تتبعونه فيها" فجعله هنا مستثنى من المتَّبع فيه المحذوف على ما تقدم تقريره، وكان قد تقدَّم أنه مستثنى من الاتِّباع، فتقديرُه يؤدِّي إلَى استثنائِه من المتَّبع فيه، وادعاؤه أنه استثناء من الاتباع، وهما غَيْران.
التاسع: أن المراد بالقلة العدم، يريد: لاتبعتم الشيطان كلكم وعدمَ تخلُّفِ أحدِ منكم، نقله ابن عطية عن جماعة وعن الطبري، ورَدَّه بأن اقتران القلة بالاستثناء يقتضي دخولَها، قال: "وهذا كلامٌ قلق، ولا يشبه ما حكى سيبويه من قولهم: "هذه أرضٌ قَلَّ ما تنبت كذا" أي لا تنبت شيئًا. وهذا الذي قاله صحيح، إلا أنه كان تقدم له في البقرة في قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ أن التقليل هنا بمعنى العدم، وتقدَّم الردُّ عليه هناك، فَتَنبَّهَ لهذا المعنى هنا، ولم يتنبهْ له هناك.
العاشر: أن المخاطبَ بقوله "لاتبعتم" جميعُ الناس على العموم، والمرادُ بالقليلِ أمةُ محمد خاصة، وأيَّد صاحبُ هذا القولِ قولَه بقوله : "ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالرَّقْمة البيضاء في الحور الأسود".

<<  <  ج: ص:  >  >>