"قلنا": إنما ردّ خبرها "لتردّده في صدقها"، لا لأنه خبر واحد، "ولذلك قال": "لا ندري أصدقت أم كذبت" كذا ذكر المصنّف.
والحق: أنه إنما تردّد في صدقها؛ لأنه لم يدر أحفظت، فيكون خبرها مطابقًا، فيكون صدقًا، أم نسيت، فلا يكون مُطَابقًا، فيكون كذبًا، وهذا هو لفظ عمر ﵁ قال:"كيف نترك كتاب رَبّنا وسُنَّة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أو نسيت" رواه مسلم، ثم هو مع ذلك مختلف في صحة نقل أبي داود عن أحمد بن حنبل أنه لا يصح عنده.
وقال ابن أبي حاتم: إن أباه أبا حاتم ذكر أنه عنده غير متّصل.
وأما:"لا ندري كذبت أو صدقت فلفظ ربّما أوهم ظاهره أنه توهم فيها اعتمادًا للكذب، ومعاذ الله أن يتوهّم عمر ﵁ ذلك في فاطمة بنت قَيْسٍ، فكيف ثبت هذا عن عمر؟.
وإنما روي بإسناد ضعيف مظلم، ذكره الحارثي فقال: أنبأنا أحمد بن محمد بن سعيد الهَمْدَاني، حدثنا الحسن بن حماد بن حكيم الطَّالقاني حدّثنا أبي حدَّثنا خلف بن ياسين الزَّيَّات عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود (١) قال: قال عمر بن الخطاب: "لا ندع كتاب ربّنا وسُنَّة نبينا ﵇ لقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت، المطلقة ثلاثًا لها السُّكنى والنفقة" وهذا الإسناد ساقط إلى أبي حنيفة.
وأحمد بن محمد بن سعيد هو ابن عُقْدة، وهو مجمع الغرائب والمناكير.
"قالوا: العام قطعي، والخبر ظني" فلو خصّصه لترك القطعي بالظني.
الشرح: "وزاد ابن أبان والكَرْخي" على ذلك ما يتمشَّى على مذهبهما، فقالا: قطعي "لم يضعف بالتجوز".
(١) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن الكوفي. مخضرم فقيه. عن: ابن مسعود وعائشة وأبي موسى وطائفة. وعنه: إبراهيم النخعي وابنه عبد الرحمن وأبو إسحاق وعمارة بن عمير وطائفة. وثقة ابن معين. قال إبراهيم: كان يختم من كل ليلتين. وروى أنه حج ثمانين حجة. توفى سنة ٧٤ أو ٧٥ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد ٩/ ٤، أعيان الشيعة ٣/ ٤٤٣، حلية الأولياء ٢/ ١٠٢، شذرات الذهب ١/ ٨٢، الوافي بالوفيات ٩/ ٢٥٦، الثقات ٤/ ٣١، تذكرة الحفاظ ١/ ٥٠، تهذيب الكمال ١/ ١١٢، تهذيب التهذيب ١/ ٣٤٢، خلاصة تهذيب الكمال ١/ ٩٧، البداية والنهاية ٩/ ١١.