للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: التَّخْصِيصُ فِي الدَّلَالَةِ، وَهِيَ ظَنِّيَّةٌ، فَالْجَمْعُ أَوْلَى.

الْقَاضِي: كِلَاهُمَا قَطْعِيٌّ مِنْ وَجْهٍ؛ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ.

قُلْنَا: الْجَمْعُ أَوْلَى.

والخبر ظنّي، فكيف نترك القَطْعي من أجله.

"قلنا": العام قطعي في مَتْنه، دون دلالته؛ لأن دلالة العام ظنيَّة، والخاص بالعكس، و"التخصيص" لم يقع في المَتْن، بل "في الدّلالة، وهي ظنية"، وإذا كان خبر الواحد الخاصّ قطعيّ الدلالة مظنون المَتْن، والكتاب العامّ عكسه، فيتعادلان، وإذا تعادلا، "فالجمع" بينهما بأن يجعل العام دَلِيلًا في غير مورد الخاص "أولى" من إلغاء أحدهما.

واعلم أن ابن أبان (١)، والكرخي يعتقدان دلالة [العام] (٢) قطعية، فرجع اختلافًا معهما إلى أن دلالة العامّ على أفراده هل هي قطعية؟ لا سيّما إذا لم تخصّ، فلا يخصّها خبر الواحد، أو ظنية، فيخصها.

ولذلك قال ابن السَّمْعَاني: ما قاله ابن أبان مبني على أصل له لا يوافقه عليه.

والحاصل: أنهما على ضعف مذهبهما لا يوافقان على قولنا: العامّ ظني الدلالة، فلننقل الكلام معهما إلى أصلهما الذي لا يمتري - عند الإنصاف - ذوو الألباب في ضعفه، ولنا فيه قول ليس هذا موضعه.

وقال "القاضي: كلاهما قطعي من وجه" العامّ في متنه، والخاصّ في دلالته، فتعادلا "فوجب التوقف".

"قلنا": لا نسلّم عدم الأولوية، بل الخاصّ أولى؛ لما فيه من الجمع بينهما؛ إذ "الجمع" بين الدّليلين، ولو من وجه "أولى".

وليتنبّه طالب التَّحقيق هنا لمهم، وهو أن شيخنا أبا الحسن، والقاضي أبا بكر يطلبان (٣) في مسائل أصول الفقه القطع، ولا يكتفيان بالظَّن إلَّا فيما ندر من فروعه، وربَّما


(١) قال القرافي في "نفائس الأصول" المحدثونُ والنحاة على عدم صرف أبان قال ونقله ابن يعيش في شرح المفصل عن الجمهور وقال إنه بناء على أن وزنه أفعل وأصله أبين صيغة مبالغة في الظهور الذي هو البيان والإبانة. فيقول هذا أبين من هذا أي أظهر وأوضح فلوحظ أصله مع العملية التي فيها فلم يصرف.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ: يبطئان، وفي ب: ينطبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>