للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقد مثل الشيخ فخر الدين الجاربردي (١) للمسألة بقول الرجل لامرأته: أنت على حرام كظهر أمي، قال:. فإنه يطلق تارة ويراد به: الطَّلاق وَالظِّهار.

وأخرى ويراد بقوله: حرام: الظِّهار، وبقوله: كظهر أمي: تأكيده.

وهو غير مطابق؛ لأن القائل إن نوى الطَلاق والظهار معًا بقوله: حرام، لم يقعا، بل: هل يثبت الطَّلاق أو الظّهار أو يُخيَّرُ؟.

فيه أوجه، أَصَحُّهَا: الثَّالثُ.

فلم يقل أحد: إنَّ لفظ الحرام صالح لهما معًا.

بل صالح لكل منهما لا على المَعِيَّةِ.

وإن نوى الطلاق بقوله: حرام، والظِّهَار بقوله: ظهر أمي، وقع الطلاق، وحصل الظِّهار وإن كان الطَّلاق رجعيًّا على الصَّحيح.

ولكن لم يحصلا بلفظ واحدٍ، بل بلفظين، والكلام في لفظ واحد.

وإن أطلق فلا طلاق؛ لعدم الصريح والنِّيَّة.

وفي كونه ظهارًا وجهان.

وقد يمثل للحالة الأولى بقوله : "المُحْرِمُ لا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ"، إذا قلنا: النكاح مشترك بالاشتراك اللفظي (٢) بين العَقْد والوطء، فإنه دائر بينهما من غير ترجيح على هذا القول.

فإن حمل على الوطء، استفيد منه معنى واحد، وهو أن المحرم لا يَطَأ ولا يُوطِئ.


(١) أحمد بن الحسن بن يوسف الإمام العلامة فخر الدين الجاربردي نزيل تبريز، أحد الشيوخ المشهورين بتلك البلاد، شرح المنهاج للبيضاوي، والحاوي الصغير ولم يكمله، وشرح تصريف ابن الحاجب. قال الإسنوي: كان عالمًا دينًا وقورًا مواظبًا على الاشتغال والإشغال والتصنيف، وتوفي في رمضان سنة ست وأربعين وسبعمائة ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٣/ ١٠، والأعلام ١/ ١٠٧، وطبقات السبكي ٥/ ١٦٩.
(٢) احترز المصنف للاشتراك عن القول بأنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، فلا إجمال فيه، بل هو من الظاهر. ينظر الآيات البينات ٣/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>