الرَّابِعُ: فِي النَّهْي، تَعَذَّرَ الشرْعِيُّ؛ لِلُزُومِ صِحَّتِهِ؛ كَبَيْعِ الْحُرِّ وَالْخَمْرِ.
وَأُجِيبَ: بِمَا تَقَدَّمَ، وَبِأَنَّ: "دعِي الصَّلَاةَ" لِلُّغَوِيِّ وَهُوَ بَاطِلٌ.
وجوابه: ما تقدم، من أنه أوضح في الشرعي.
واحتج "الغَزَالي": بأن اللفظ في الإثبات واضح، وأما "في النهي" فإنه بَعُدَ فيه الشرعي؛ للزوم صحته"، أي: أن النهي لو حمل على الشَّرعي استلزم صحة المنهى؛ لامتناع النَّهْي عن الممتنع، فكان الشرعي بعيدًا.
وكذلك اللغوي بعيد؛ لأنه ﷺ بعث لبيان الشَّرْعيات، فتحقّق الإجمال.
"وأجيب": بأنه "ليس معنى الشرعي: الصحيح".
بل ما يسميه الشارع بذلك الاسم من الهَيْئَاتِ المخصوصة، ولذلك يقول: هذه صلاة صحيحة وفاسدة، "وإلَّا" فلو كان معناه الصحيح، "لزم في "قوله ﵇: ""دَعِي الصَّلَاة" أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" "الإجمال" بين الصلاة والدعاء، وليس كذلك؛ بل هو ظاهر في معناه الشرعي قطعًا.
واعلم أن ما ذهب إليه الغَزَالي مبنى على أصله المتقدم في أن النهي لا يقتضي االفَسَاد، ثم هو مع أصله هذا لا يقول بأنه يقتضي الصِّحَّة؛ فلذلك قال: يبعد فيه الشَّرعي، ولم يقل: يمتنع؛ إذ لو كان ممتنعًا عنده كان يقول باقتضائه الصحة، ومذهبه لا ينتهي إلى هذا.
على أن بعض نسخ "المختصر": "يتعذّر"، وليست في أصل المصنّف، ولكن شهد قوله في "المستصفى" ولا إمكانه، لما قيل له: لا تفعل، ولكنها مخالفة لأصله في أنَّ النهي لا يقتضي الصِّحَّة.
الشرح: وأما المذهب "الرابع" فحجّته أنه "في النهي تعذّر الشرعي، للزوم صحته؛ "كبيع الحر والخمر"، فإنه إذا ورد النَّهى وحمل على الشرعي يلزم تصوّره؛ لاستحالة النهي عما لا يتصوّر، والإجمال خلاف الأصل، فيظهر اللّغوي.
"وأجيب بما تقدّم" من أن النهي لا يقتضي الصِّحة.
"وبأن" ذلك لو صحّ، لزم أن يكون قوله ﵇: ""دَعِي الصَّلَاةَ" أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" "للغوي، وهو باطل"؛ لأن الحائض لا تمنع من الدعاء اتفاقًا.