للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقال المَاوَرْدِيّ: إن جمهور الفقهاء قالوا: البيان إظهار المراد بالكلام الذي لا يفهم منه المراد إلّا به.

قال ابن السَّمْعَاني: وهذا الحد أحسن من جميع الحدود، مع إيراده على الصيرفي ما ورد ابتداء من غير سبق إجمال.

وهو إن ورد على الصَّيرفي ورد على المَاوَرْدِيّ بطريق أولى؛ إذ قد يقول الصيرفي فيما لم يكن غير قربة: إنه كان في حَيّز الإشكال، وصار في حيّز التجلي كما عرفت.

ولا يمكن للمَاوَرْدِيّ أن يقول: إنه داخل في تعريفه؛ لأنه لم يتقدمه كلام أظهر المراد به؛ لأن البيان: الظهور من قولهم: بَانَ الهلالُ: إذا ظهر.

واعلم أن الشَّافعي قال في "الرسالة": البيان: اسم جامع لأمور متّفقة الأصول متشعبة الفروع.

واعترضه أبو بكر بن داود بأن البيان أبين من التفسير الذي ذكره.

قال أئمتنا: وهذا لا يصح؛ لأن الشافعي لم يقصد حدّ البيان، [ولا تفسير] (١) معناه، وإنما أراد: أن البيان اسم عام جامع لأنواع مختلفة اتفقت في وقوع اسم البيان عليها، واختلفت في مراتبها، فبعضها أجلى من بعض؛ لأن من البيان، ما يدرك معناه من غير تدَبّر، ومنه ما يحتاج إلى تدبّر؛ ولذلك قال : "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا" (٢)، فأخبر أن بعض البيان أظهر من بعض.

ويدلّ على ذلك أن الله - تعالى - خاطبنا بالنص، والعموم، والظاهر، والمفهومين، والكلّ بيان وإن اختلفت مراتبها.

قلت: ولذلك عقد الشَّافعي في "الرسالة" أبوابًا للبيان حيث قال: باب البيان الأول، باب البيان الثاني، وهكذا.


(١) في ت: ولا تغير.
(٢) أخرجه أبو داود ٤/ ٣٠٣، في كتاب الأدب: باب ما جاء في الشعر (٥٠١١) وأخرجه البخاري من رواية أبي بن كعب رصي الله عنه ١٠/ ٥٣٧، في كتاب الأدب: باب ما يجوز من الشعر (٦١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>