للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنَ الْبَعِيدَةِ: تَأْوِيلُ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلَهُ لِغَيْلانَ، وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: "أَمْسِكْ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ"، أَيِ: ابْتَدِئِ النِّكاحَ، أَوْ أَمْسِكِ الْأَوَائِلَ -؛ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُخَاطَبَ بِمِثْلِهِ مُتَجَدِّدٌ فِي الْإِسْلامِ مِنْ غَيْرِ بيَانٍ، ومَعَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَجْدِيدٌ قَطُّ.

وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ قَوْلَهُ لِفَيْرُوزٍ الدَّيْلَمِيِّ، وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ: "أَمْسِكْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ" - فَأَبْعَدُ؛ لِقَوْلهِ: "أَيَّتَهُمَا".

"وفي الاصطلاح: حمل الظاهر على المحتمل المرجوح".

وهذا التعريف يشمل: الصَّحيح والفاسد.

"وإِن أردت" أن تعرف "الصحيح" فقط "زدت: بدليل يصيّره راجحًا".

وقال "الغَزَالي": التأويل: "احتمال يعضُده دليل يصير به أغلب على الظن من الظاهر".

"ويرد" عليه: "أن الاحتمال ليس بتأويل، بل" التأويل: الحمل عليه، والاحتمال "شرط" له.

"وعلى عكسه" يرد "التأويل المقطوع به"، فإِنه تأويل، وعاضده يفيد القَطْع لا الظن.

وقد يمنع الغَزَالي وجود ذلك، ويقول: غاية ما يوجد لفظ قام القاطع على صرفه عن ظاهره.

أما أن المراد به شيء معين، فلا قاطع فيه، بل ظن، وهذا كما يقول في ظواهر الصفات: إِن القواطع دلّت على أنّ الظاهر غير مراد، ثم تعيين المراد ظَنّي لا قطعي فنقول مثلًا في قوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ﴾ [سورة الفتح: الآية ١٠]؛ الجارحة منفية قطعًا، وهل المراد القدرة أو شيء وراءها، أو لا يدري؟ هذه أماكن تزاحم الظُّنون، "وقد يكون" التأويل "قريبًا، فيترجّح بأدنى مرجّح"، "وقد يكون بعيدًا، فيحتاج للأقوى، وقد يكون متعذرًا فيرد".


= هو بالدليل، والدليل ظني، وليس بقطعي، وإِلا كان مفسرًا لا مؤولًا.
ولهذا لا يحرم التأويل بالرأي، بخلاف التفسير؛ فإِنه لا يكون إِلا بقاطع، وبذلك تبين الفرق بين المفسر والمؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>