للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مردود وإن كان لدليل، فما ظنك بتأويل لا دليل عليه؟

فإِنَّا قد بَيَّنا أن العدد يصلح أن يكون مقصودًا، واللفظ نص فيه، وغاية ما يتعلّقون به: معنى سد الخَلّة، وهو موجود مع العزم على أتم وجه، فإِذا كان ممكنًا مع مُرَاعاة العدد حصل المقصود مع الخلاص من عُروّ المخالفة.

هذا، وفي الكَفَّارات نوع من التعبّد، وهو العدد، فيكون التمسُّك باللَّفظ المحصل للمقصود من كلّ وجه أولى.

وأما الوجه الثَّاني: فالَّذي يقدر به المصدر العامل في مذهب سيبويه "أن" المشددة الناصبة لضمير الشأن، فمذهبه: تقدير الماضي بأنه فعل، والحاضر والمستقبل بأنه يفعل؛ لأن "يفعل" صالح للحال والاستقبال.

وقال جماعة منهم ابن عصفور: يقدر بـ"أن والفعل" و بـ "أن الَّتي خبرها فعل" ويعنون بذلك: أنه يقدر بـ"أن" والفعل في المستقبل والماضي، و بـ"أن" الَّتي خبرها فعل في الحاضر.

وقال الأكثرون: يقدر بأن فعل في الماضي، وتارة يفعل في المستقبل، وبما يفعل في الحاضر.

وزعم ابن مالك أن المصدر على أربعة أوجه:

أحدها: أن يقدر بـ "ما" والفعل.

والثاني: بـ "أن" والفعل.

والثالث: بـ"أن" المخففة من الثقيلة والفعل.

وذلك: في نحو: علمت ضربك زيدًا، فإِنه لا يمكن أن يقدر هنا: أن ضربت، ولا: أن تضرب؛ لأن "علم" وأخواتها من أفعال اليقين، إِنما قياسها أن ندخل على "أن" المؤكدة مشددة كانت مثل: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [سورة البقرة: الآية ١٨٧] أو مخففة نحو: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ﴾ [سورة المزمل: الآية ٢٠]، ولا يجوز: علمت أن يقوم، ولا يمكن أن يقدر: ما تضرب لأن "ما" والفعل لا يسدّان مسدّ المفعولين.

فلما تعذّرت التقديرات الثَّلاث عدل إِلى هذا التقدير؟

<<  <  ج: ص:  >  >>