. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
محتاج، وإن لم يكن قريبًا، ولا يعطى أحد من الأقرباء إلَّا عند الحاجة، وهو عندنا سَرَفٌ وتعطيل للفظ القرابة، مع أنه منصوص، والمعنى يعضّده كما ذكرناه.
وإن قالوا: لا يعطى إلَّا القريب، ولكنّا نشترط فيه الحاجة، وهذا ليس ببعيد.
وقد صرح إمام الحرمين: بأنه قريب، وعليه ينبغي أن ينزل كلام الغزالي، كما فعله الشَّافعي على أحد القولين في اعتبار الحاجة مع اليتم في سياق هذه الآية. انتهى.
قلت: وهو على قربه والحالة هذه يتنازل عما فعل الشَّافعي في اليتامى من وجهين:
أحدهما: أنه زاده على النص كتقييد الرقبة بالإيمان، وأبو حنيفة يراها نسخًا، والنسخ لا يكون بالأقيسة والمعاني.
وأما الشَّافعي فلا معترض عليه؛ إذ لا يرى الزيادة نسخًا.
والثاني: إنما نمانعه من مساعدة المعنى له ونقول: لفظ اليتم مع قرينة إعطاء المال مشعر بالحاجة، فاعتبارها يكون اعتبارًا لما دَلّ عليه لفظ الآية، فاليتم إذا تجرد عن الحاجة غير صالح للتعليل، بخلاف القرابة فمجردها مناسبة للإكرام باستحقاق خمس الخمس.
"[وعدّ] (١) بعضهم حمل مالك": " ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ [سورة التوبة: الآية ٦٠] "إلى آخرها على بيان المصرف"، دون إرادة استيعاب الأصناف بالعطاء، وقوله كأن الرب - تعالى - قال: هذه جهات الضرف، وكل منها كافٍ "من ذلك"، أي عده بعضهم من التأويلات البعيدة، وهذا منقولٌ عن الشَّافعي ﵁.
وهو عندنا صواب، والمقتصر على الإعطاء لصنف واحد معطّل لا مؤوّل.
وذكر إمام الحرمين في تقرير ذلك ما حاصله: أن الآية اشتملت على عد ثمانية أصناف عطف بعضهم على بعض بحرف "الواو "التي هي للجمع والتَّشْرِيك، وأكد هذا المعنى بقوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ واللام تفيد التمليك، فإذا دخلت في قوله: "للفقراء" وعطف على ذلك ما ذكره بعده بحرف "الواو" وجب اشتراك الجميع في ملك هذا المال الذي هو الصَّدقة.
وأوضح الشَّافعي هذا بالوصية؛ فإن الموصى إذا قال: ثلث مالي للفقراء، وفي
(١) في أ: وعند.