الرقاب، وفي سبيل الله لا يصح صرف جميع ثلثه إلى واحد، وإذا تعين اعتبار لفظ الموصى، واعتقاده نضًا، فيجب تنزيل لفظ الكتاب العزيز على مثله.
قال إمام الحرمين: ولم يظن - يعني الشافعي - أن أحدًا يجز أن يقدم في مسألة الوصية على منع.
وقد أحدث بعض المتأخرين منعًا وقالوا: هي بمثابة الصدقات يجوز صرفها إلى واحد، وهو باطل قطعًا.
قلت: والمالكية لا يمنعون مسألة الوصية، فلا يشتغل بتقريرها.
قال الشَّافعي ما حاصله: ثم إن الحاجة ليست مرعيةً في بعض الأصناف المذكورين كالعاملين، فإنهم يأخذونها لا من جهة حاجتهم، وكالغارمين بسبب حمالة يحملونها لإصلاح ذات البَيْنِ فقط بطل التعويل على الحاجة.
واعلم أن المَازِرِيّ لم يرد هذا، بل أحال الكلام عليه في كتابه "شرح التلقين".
وقال الغزالي: ليس هو كذلك عندنا، بل هو معطوف على قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ﴾ [سورة التوبة: الآية ٥٨]، وادعى أن منع الشَّافعي ﵁ الحكم لقصور في الدَّليل، لا لانتفاء الاحتمال، وتبعه أبو الحسن الأنباري شيخ المصنف، وزاد في بسطه: لأنه مالكي.
وحاصل ما ذكره: أن "اللام" في قوله: للفقراء يحتمل أن تكون للملك، وأن تكون للأهلية والانتفاع، كما نقول؛ الجل (١) للفرس، فإن كان المراد الملك صح ما قاله الشافعي، وإلّا فلا؛ لاشتراك الكل في الأهلية وصحّة التصرف.
وهذا هو الذي نختاره.
فيخرج الكلام بهذا التقدير عن مرأى النصوص.
فأما أن نقول: إنه مشترك بين الجهتين، فيفتقر إلى البيان في الجانبين، فيكون كل واحد مفتقرًا إلى الدليل.