وذهب إلى أن غير الصريح هو ما لم يوضع اللفظ له، بل يلزم ما وضع له، فيدل عليه بالالتزام. يعني أن غير الصريح هو دلالة اللفظ على لازم الموضوع له، وبعبارة أخرى: دلالة اللفظ على المعنى بالالتزام، فينحصر غير الصريح في الالتزامية. (١) دلالة الاقتضاء: هي دلالة اللفظ على لازم المعنى المقصود يتوقف عليه صدق الكلام، أو صحته عقلًا أو شرعًا مثل دلالة قول النبيّ ﷺ "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ" على إرادة رفع المؤاخذة، ونحوها مما يمكن نفيه؛ لتوقف صدقه على ذلك التقدير؛ لعدم رفع ذات الخطأ والنسيان؛ لوقوعهما من الأمة، ومثل دلالة قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ على إرادة سؤال أهلها؛ لتوقف صحته عَقْلًا على هذا التقدير؛ إذ القرية - وهي البنايات المجتمعة - لا يصح عقلًا سؤالها، كما هو معتاد، وكدلالة قولك لمن يملك عبدًا: أعتق عبدك عني بألف على إرادة ملكني عبدك بألف، فأعتقه عني؛ لتوقف صحته شرعًا على ذلك التقدير؛ لأن العتق بدون الملك لا يصح شرعًا. (٢) دلالة الإيماء: هي دلالة اللفظ على لازم مقصود لا يتوقف عليه صدق الكلام؛ ولا صحته، كاقتران وصف بحكم لو لم يكن ذلك الوصف علة له؛ لكان اقترانه به بعيدًا عن وقوعه في كلام البليغ، فضلًا عن كلام الشارع؛ لانتفائه عن الفائد حينئذ، وإذ لا فائدة ألا يكون الوصف علَّة لذلك الحكم كما في دلالة اقتران الوقاع بالإعتاق على علّية الوقاع لوجوب الإعتاق في قصة الأعرابي الذي قال: هلكت وأهلكت يا رسول الله؛ واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له الرسول ﷺ: "أَعْتِقْ رَقَبَةً" الحديث أي: واقعت فأعتق رقبة؛ لأن السؤال معاد في الجواب تقديرًا، فيدلّ هذا الاقتران على علية الوقاع لوجوب الإعتاق، وإلا كان اقترانه به بعيدًا؛ لخلوه عن الفائدة. (٣) دلالة الإشارة: والمقصود بها دلالة اللفظ على لازم غير مقصود منه بالذات، كدلالة قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ الآية على جواز أن يصبح الصائم جنبًا؛ فإن جواز الإصباح بالجنابة للصائم ليس مقصودًا من الآية بالذات، ولكنه لازم للمقصود منها، وهو إباحة الرفث أي: الوقاع في الليل الصادق بالوقاع في آخر جزء منه، وهذا يستلزم الإصباح بالجنابة ضرورة أن يقع الغسل حينئذ بعد طلوع الفجر، وكدلالة قوله ﷺ في حق النساء: "إِنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ" فقيل: وَمَا نُقْصَانُ "دِينِهنَّ؟ قال: "تَمْكُثُ إِحْدَاهُنَّ شَطْرَ =