للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فائدة ما تقدم في "إِنما" بكسر "إِن"، أما المفتوحة فزعم الزمخشري في الكلام على قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [سورة الأنبياء: الآية ١٠٨] إِفادتها القصر.

وبه صرح التنوخي (١) في كتاب "الأقصى [القريب] " (٢)، وردّ شيخنا أبو حيَّان على الزمخشري، بأنه يلزمه انحصار الوحي في الوحدانية.

واعترضه أخي الشيخ أبو حامد: بأن ذلك لازم، وإن لم تكن المفتوحة للحصر؛ لأن الإِلزام جاء من "إِنما".

ولو قلت: إِنما يوحي الوحدانية لزم ذلك.

قلت: وهو صحيح؛ إِلا أن لأبي حيان أن يقول: المعنى على قول الزمخشري: جميع ما يوحي أن إِلهكم ليس إِلَّا واحدًا فيلزمه: إِن إِلهنا واحد وقادرٌ، وحَيٌّ، وسميع، وبصير إِلى غير ذلك من الصِّفات الَّتي تثبتها، فيلزم من يدعى حصر المكسورة عدم إِيحاء غير الوحدانية، وهو باطل؛ لأنه يوحي إِليه أمور أخر.

ومن يدعى حصر المفتوحة أن الإِله ليس إِلَّا واحد، ولعل هذا الإِلزام مراد أبي حيان، وكان صواب عبارته أن يقول: انحصار الإِله في الوحدانية، ولكن المكان ضيق تَنْبُو عنه العبارات.

ولعلَّ الزمخشري إِنما ادَّعى الحَصْر لعدم مُبَالاته بهذا الإِلزام؛ فإِنه معتزلى لا يثبت الصفات السَّبعة.


(١) علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إِبراهيم بن تميم، أبو القاسم التنوخي، ولد سنة ٢٧٨ هـ، قاض أديب، شاعر، عالم بأصول المعتزلة، ولد بـ "أنطاكية" ورحل إِلى بغداد في حداثته، فتفقه بها على مذهب أبي حنيفة، وكان معتزليًّا وولي قضاء البصرة والأهواز، له ديوان شعر، توفي بـ "البصرة" سنة ٣٤٢ هـ ينظر: وفيات الأعيان ١/ ٣٥٣، وتاريخ بغداد ١٢/ ٧٧، وإِرشاد الأريب ٥/ ٣٣٢ - ٣٤٧، ويتيمة الدهر ٢/ ١٠٥ - ١١٥، والفوائد البهية ١٣٧، وفي مرآة الجنان ٢/ ٣٣٥، والأعلام ٤/ ٣٢٥.
(٢) في ج: الغريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>