للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَفْهُومُ الْحَصْرِ فَمِثْلُ: صَدِيقِي زَيْدٌ وَالْعَالِمُ زَيْدٌ، وَلا قرِينَةَ عَهْدٍ.

فَقِيلَ: لا يُفِيدُ.

وَقِيلَ: مَنْطُوقٌ.

وَقِيلَ: مَفْهُومٌ.

الأَوَّلُ: لَوْ أَفادَهُ لأَفَادَ الْعَكْسَ؛ لِأَنَّهُ فِيهِمَا لا يَصْلُحُ لِلْجِنْسِ، وَلا لِمَعْهُودٍ مُعَيَّنٍ؛ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ، وَهُوَ دَلِيلُهُمْ، وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ لَكَانَ التَّقَدُّمُ يُغَيِّرُ مَدْلُولَ الْكَلِمَةِ.

الشرح: "وإِما" ما يقال فيه "مفهوم الحصر" حصر المبتدأ في الخبر "فمثل: صديقي زيد، والعالم زيد"، ولا يخفى أن النظم الطَّبيعي خلافه، والأصل قولك: زيد صديقي، لا صديقي زيد، فالعدول إِليه، "ولا قرينة عهد" هناك دالّة على أن المراد بالمبتدأ معهود هل يفيد الحصر؟.

اختلفوا فيه كخلافهم في "إِنما".

"فقيل: لا يفيد".

وقيل: يفيد.

ثم اختلف "فقيل: منطوق"، وهو رأي الغزالي والهراسي.

وقيل: مفهوم".

واحتج: الفريق "الأول" بأنه "لو أفاده، لأفاد العكس"، وهو زيد صديقي، وزيد العالم؛ "لأنه" أي المبتدأ "فيهما" أي في المثالين صديقي زيد، والعالم زيد "لا يصلح للجنس"، وهو الحقيقة الكلية؛ لأن الإِخبار عنها بأنها زيد الجزئي كاذب، "ولا لمعهود معيّن؛ لعدم القرينة" الصَّارفة إِليه كما فرضناه، فكان لما يصدق عليه الجنس مطلقًا، فيفيد أن كلّما صدق عليه العالم فهو زيد، وهو معنى الحصر، "وهو " [بعينه] (١) "دليلهم" على الحصر، فإِذا كان الدليل آتيًا في زيد العالم، كما أتى في: العالم زيد، وجب اشتراكهما في الحكم، ولا قائل بإِفادة الحصر في: زيد العالم.

"وأيضًا لو كان": العالم زيد للحصر، وعكسه ليس للحصر، "لكان التقديم يغير


(١) في ت: يغيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>