للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ تَقْيِيدَ الْفِعْلِ الْوَاجِبِ بِالتَّأْبِيدِ لا يَمْنَعُ النَّسْخَ كَمَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا مِثْلُ: صُمْ رَمَضَانَ" ثُمَّ يُنْسَخُ قَبْلَه، فَهَذَا أَجْدَرُ.

وَقَوْلُهُ: "صُمْ رَمَضَانَ أَبَدًا" بِالنَّصِّ يُوجِبُ أَنَّ الْجَمِيعَ مُتَعَلَّقُ الْوُجُوبِ، وَلا يَلْزَمُ الاِسْتِمْرَار، فَلا تَنَاقُضَ كَالْمَوْتِ، وَإنَّمَا الْمُمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ بِاقٍ أَبَدًا، ثُمَّ يُنْسَخُ.

قَالُوا: لَوْ جَازَ لَكَانَ قَبْلَ وُجُودِهِ، أَوْ بَعْدَه، أوْ مَعَه، وَارْتِفَاعُهُ قَبْلَ وُجُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ بَاطِلٌ وَمَعهُ أَجْدَرُ؛ لاِسْتِحَالَةِ النَّفْي وَالإِثْبَاتِ.

قُلْنَا: الْمُرَادُ أَنَّ التَّكْلِيفَ الَّذي كَانَ زَالَ كَالْمَوْتِ لا أَنَّ الْفِعْلَ يَرْتَفِعُ.

"وأجيب: بعد" تسليم "اعتبار المصالح أنها تختلف باختلاف الأزمان والأحوال، كمنفعة شرب دواء في وقت أو حال وضرره في آخر، فلم يتجدّد ظهور ما لم يكن" بل تجددت مصلحة لم تكن، فلم يلزم البَدَاء.

"قالوا: إن كان" المنسوخ "مقيدًا" بغاية، "فليس" زواله "بنسخ"، بل انتهى نهايته.

"وإن دلّ" الخطاب الأول "على التأبيد" [أي] (١) كان مؤبدًا "لم يقبل" النسخ؛ "للتناقض بأنه مؤبد" بدلالة الخطاب الأول "ليس بمؤبد" بدلالة النَّسْخ.

"ولأنه" إذا كان مؤبدًا أو جاز نسخه "يؤدي إلى تعذر الإخبار بالتأبيد"؛ إذ ما من عبارة تذكر له إلا وتقبل النسخ.

ونحن على قَطْع أن ذلك معنى نفس، وكل معنى نفس يمكن التعبير عنه، "وإلى نفى [الوثوق] (٢) بتأبيد حكم ما" وقد ذكرتم أحكامًا مؤبدة كالصَّلاة، "وإلى جواز نسخ شريعتكم"؛ فإن دليلكم على تأبيدها الإخبار بذلك، فإذا جاز النسخ مع الإخبار به جاز نسخها.

الشرح: "وأجيب بأن تقييد الفعل الواجب بالتأبيد لا يمنع النسخ كما لو كان"


(١) في ت: أو.
(٢) في ب، ت: الوقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>