للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أما بعده؛ فإما لأن التكليف بذلك الفعل المأمور به بعد مضي وقته ينتفي (١)؛ لانتفاء شرطه وهو الوقت، وإذا انتفى فلا يمكن رفعه؛ لامتناع رفع المعدوم.

وإما؛ لأن المكلّف إن كان أوقع المأمور به في وقته فقد أطاع، وإنْ لم يكن قد أوقع فقد عصى، وعلى التقديرين فلا نسخ.

وأما مع الوقت فلما سلمته الخصوم من امتناعه حينئذ مصيرًا منهم إلى لزوم تَوَارد النفي والإثبات حينئذ على [شيء] (٢) واحد في زمان واحد.

وقد يقال على الأول: التكليف مقيد بعدم الموت عقلًا؛ فلا رفع.

وعلى الثاني أن الكلام فيما إذا لم يقع فعل من الأفراد التي تناولها التكليف، وليس كلّ نسخ كذلك، فلم يتوجّه الإلزام.

"واستدل" على المختار بدليل صحيح حاصله: التَّمَسُّك "بأن إبراهيم أمر بالذبح"، ونسخ عنه قبل التمكّن من الفعل، فأمر "بدليل: ﴿افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [سورة الصافات: الآية ١٠٢] وبالإقدام، وبِتَرْوِيعِ الولد"، ولو لم يكن مأمورًا به لكان حرامًا، والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - لا يقدمون على حرام، "ونسخ" لقوله: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الصافات: الآية ١٠٧] "قبل التمكن"؛ إذ لو كان بعده لعصى بتأخيره.

"واعترض" بأنا لا نسلم أنه لو لم يفعل وقد حضر الوقت كان عاصيًا، وأسند المنع "بجواز أن يكون" الوقت "موسعًا"، فيحصل التمكن، ولا يعصى بالتأخير؛ لأنه موسع ثم ينسخ.

"وأجيب" أولا "بأن ذلك" أي: كون الوقت موسعًا "لا يمنع رفع تعلّق الوجوب بالمستقبل؛ لأن الأمر باقٍ عليه" في الوقت الموسع إذا لم يأت بالمأمور به، "وهو المانع عندهم" أي: بقاء الأمر عليه عند الخصم هو المانع من جواز النسخ حينئذ، فقد جاز ما منعوه؛ وهو المَطْلُوب.

وثانيًا: "بأنه لو كان موسعًا لقضت العادة بتأخيره" الذبح، "رجاء نسخه أو موته" ومثله مما تقضي العادة بتأخيره "لعظمه" على الأنفس.


(١) في ت: لا ينتفي.
(٢) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>