للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا دَفْعُهُمْ بِمِثْلِ: لَمْ يُؤْمَرْ، وَإِنَّمَا تَوَهَّمَ، أَوْ أُمِرَ بِمُقَدِّمَاتِ الذّبْحِ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، أَوْ ذَبَحَ وَكَانَ يَلْتَحِمُ عَقِيبَه، أَوْ جُعِلَ صَفِيحَةَ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ، فَلا يُسْمَع، وَيَكُونُ نَسْخًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ.

الشرح: "وأما دفعهم" يعني الخصوم هذا الاستدلال "بمثل" قولهم: إن إبراهيم "لم يؤمر، وإنما توهم، أو أمر بمقامات الذّبح، فليس بشيء"؛ لقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ وللإقدام والترويع، كما مَرَّ؛ ولقوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ [سورة الصافات: الآية ١٠٦]، ولولا الأمر ما كان بلاءً مبينًا، ولقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الصافات: الآية ١٠٧]، ولولا الأمر لما احتاج إلى الفِدَا.

ويرده من أصولهم أنه لو كان كذلك؛ لكان توريطًا لإبراهيم في الجهل بما يظهر [أنه] (١) أمر، وليس بأمر وهم لا يجوزون ذلك.

"أو ذبح" أي: وأما دفعهم بمثل أنه امتثل الأمر وذبح "وكان" كلما قطع جزءًا "يلتحم عقبه، أو جعل صفيحة نحاس أو حديد، فلا يسمع"؛ لأنه خلاف العادة والظَّاهر، ولو كان لنقل مثله نقلًا متواترًا.

[وأيضًا] (٢) لو كان صفيحة لمنعت إمكان الذبح، فيصير مكلفًا بما لا يُطَاق، وهم لا يجوزونه، ثم قد نسخ، وإلا لأثم بتركه، "و" حينئذ "يكون نسخًا قبل التمكّن"، وأيضًا لو كان لما احتاج إلى الفِدَا.

وقد يقال: لعلّ الفداء لأجل الحياة الحاصلة مع الذّبح لا لنفس الذبح، ويكون الذبح قد وقع، ولكن لم يترتب عليه موت.

وهذا بحث، والإنصاف أنه لم يقع ذبح، ودعوى وقوعه مُبَاهتة عظيمة، ومما يدرأ قولهم: ذبح ولكنه التأم اتفاقهم على أن إسماعيل ليس [بمذبوح] (٣)، واختلافهم في إبراهيم هل هو ذابح؟.

فقال قوم: هو ذابح؛ للقطع، والولد غير مذبوح؛ للالتئام (٤).


(١) في أ، ت، ج: به.
(٢) سقط في أ، ت، ج.
(٣) في أ، ت، ج: مذبوح.
(٤) يذهب الواحدى إلى أن الذبيح إسحاق، وعنده أن هذا رأى الأكثرين، وعند الآخرين أنه=

<<  <  ج: ص:  >  >>