. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يرى نسخ الخبر؛ فقال: بخلاف الخبر، والفرق بينهما واضح؛ يلزم من الخبر الخلف كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
وإليه أشار إمام الحَرَمَيْنِ في أول النَّسْخ حيث قال: فإن قيل: لو قال الشَّارع: هذا الحكم مؤبّد لا ينسخه شيء، فهل تجوزون تقدير نسخه؟.
قلنا: لا؛ لأن تقدير وروده تجويز الخلف.
ولكن في هذا نظر من وجهين:
أحدهما: أنه له أراد الخبر لم يحتج إلى قوله: مستمر؛ فالفرق واضح بدون هذه اللَّفظة الموهمة شيئًا زائدًا.
والثاني: أن الخبر عنده لا ينسخ، قيد بالتأبيد أم لم يقيد، فلا يتجه الفرق؛ إذ البحث هنا عن التأبيد هل يمنع النَّسخ أم لا؟
والقائل قائلان:
قائل بأنه يمنعه، وهذا لا يفرق بين الإنشاء والخبر.
وقائل لا يمنعه، وإذا لم يمنعه في الإنشاء لم يمنعه في الخبر أيضًا.
والمنع في الخبر إنما نشأ من خصوص الخبر؛ لاقتضائه الخلف، لا من جهة أنه قيد بالتأبيد، فافهم ذلك؛ فلا جامع بين مسألة الخبر والتقييد بالتأبيد؛ لاختلاف المأخذ فيهما.
ويحتمل أن يكون فصل في الإنشاءات بين مقيد، ومقيد فجوَّز النسخ في أحدهما دون الآخر، فقال في التأبيد: المجعول قيدًا في فعل المكلف مثل: صوموا أبدًا بالجواز.
وقال في الثانية: المجعول قيدًا للوجوب، وبيانًا لمدة بقائه واستمراره إذا كان نصًّا مثل أن يقول: الصَّوم واجب مستمر أبدًا؛ لأنه لا يجوز.
وعلى هذا جرى القاضي عضد الدّين الإيجي، وهو الأظهر عندي.
والذي دعا المصنّف إلى ذلك أنه لما سأل السائلُ: إن لفظ التأبيد جار مجرى التنصيص، والتنصيص لا يجوز نسخه، [وأن] (١) التأبيد إذا ضمّ إلى الاستمرار، فلو جوز نسخه لم يكن له معنى، وأجاب الآمدي، بما رأيت، توسط المصنف في الجواب، فوافقه
(١) في ب، وأن.