للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وثامنها: قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى﴾ [الأنعام: ٩١]، فقد نقض الرب تعالى عليهم في دعواهم عموم عدم الإنزال بصورة خاصّة، وهي الإِنزال على موسى، فلو لم يكن قادحًا لم تبطل دعواهم، ولأصحابنا دلائل أُخَر يطول شرحها.

ولنتعقّب كلام الخُصُوم، فنقول: قولهم: لو بطلت لبطل المخصص.

قلنا: لفظ العموم لفظ لُغَوِي، يصدق على الكُلّ والبعض؛ بدليل استعمال أهل اللُّغة له على الوجهين، ولهذا لا يبادر إلى العمل به حتّى يبحث عن المخصّص، فصار اللَّفظ العام لا يستقرّ قراره المُرَاد به بنفسه، إِلا بعد السَّبر والنظر في الأدلة، فلم [يمتنع] (١) بذاته على المقصود له.

وأما المعنى، فشيء له مقصود خاصّ، ومتى قام الدليل على صحّته بالتأثير، استقرّ المُرَاد به، فلا يجوز أن يختلف المعنى المؤثّر، وإذا اختلف تغيّرت صفته، وإذا تغيّرت صفته، تغيرت سمته.

قال ابن السَّمْعَانِي: وعندي أن الجواب بحرفٍ واحدٍ، وهو أن العام كان حجّة فيما يتناوله بنفس اللَّفظ، وذلك التناول فيما وراء المخصّص لا يبطل بالتخصيص.

وأما العلّة فكانت حجّة بالتأثير المفيد لقوة الظَّن، وهذا يبطل بالتخصيص (٢)، وعلى هذا يظهر لك الجواب عن العلّة المنصوصة أيضًا؛ لأن صحّتها بالنَّص، فلم يضره التَّخصيص الواقع عليه.

وأما المستنبطة فصحّتها بالتأثير، وشرطها الجَرَيَان؛ لئلا تضعف قوة الظَّن الواقع بها، فيمتنع [تعليق] (٣) الحكم به، وعلى أن طائفة من أصحابنا سووا بين العلّتين في المنع من التَّخصيص، وعلى التسليم، قد ظهر لك الجَوَاب ظهورًا قويًّا. اهـ كلام ابن السَّمْعَاني.

والصحيح عندنا: أنه لا فرق بين المَنْصُوصة والمُسْتَنْبطة، كما أسلفناه، ولقد قال


(١) في ج: يفتقر.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب: تطبيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>