قوله:"علّة القصاص: القَتْل، العَمْد العدوان، ولا تبطل بالأبوة" ممنوع، بل انتفاء الأبوة جزء من العلّة، كما عرفت.
فإن قلت: لقد هَوّلتم أمر النقص، والخَطْب فيه يسير؛ لأنه لا ريب في أنه إِذا تخلّف الحكم في صورة، كانت العلّة معم فًا فيما عدا تلك الصُّورة، ولكن هل يقال: إن تعريفها [في تلك الصّورة باقٍ، ولكن صدمه ما قطع عمله، أو أنه خاصّ بما وراء](١) تلك الصورة، ولا علّية لها فيها أصلًا؟.
وذلك خلاف لفظي، وهذا ما قاله المصنف، حيث قال: ويرجع النزاع لفظيًّا.
قلت: ليس الخلاف بلفظي، بل يترتّب عليه أولًا فائدة عظيمة، وهي مسألة التعليل بعفتين، كما سنقرره إِن شاء الله تعالى عند الكلام فيها.
وثانيًا: انقطاع الخَصْم؛ فإن النقض من عَظَائم أبواب الجَدَل، والمراد منه انقطاع الخَصْم، ولا يسمع منه بعد ذلك دعوى أنه إِنما أراد بالعموم الخُصُوص، وباللَّفظ المطلق ما وراء محلّ النَّقض؛ لأنه يشبه الدَّعْوَى بعد الإِقرار، فلا تسمع إِلا ممن له قدرة الإِنشاء في الموضعين، فالخلاف في أن النَّقض هل يقدح؟ معنوي.
والقائلون: بجواز تخصيص العلّة يقولون: يقبل قوله: لم أرد هذه الصورة، أو هذه من النَّقض الذي لا يلزمني الاحتراز عنه، بخلاف مُنكريها، فإنهم يقولون: هذا لا يسمع منك؛ فإن كلامك مُطْلق، وأنت بسبيل من الاحتراز، فلم لا احترزت؟.
ومتى ترتب الانْقِطَاع وعدمه على أن النقض هل يقدح؟ كان الخلاف معنويًا، وبهذا تبيّن لك الفرق بين العامّ والخاصّ إذا وقع في كلام الشارع وغيره، فإنه في كلام الشّارع واقع ممن له الإِنشاء في الموضعين، فله أن يقول: أردت بالعام الخاصّ، ولا معترض عليه، فإنه لو قال: يستحبّ الحكم ورفعته، لوجب الإِصْغَاء إليه، فكيف بهذا؟.
أما مَنْ ليس له ذلك من المجتهدين والمناظرين وغيرهما، فإذا أطلقوا لفظًا عامًّا، ثم قالوا: أردنا الخُصُوص.
قلنا لهم: إرادتكم تنفعكم في أنفسكم، ولكنا لا نقبلها منكم؛ إِذ اللفظ لا ينبئ