للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقد أجاب إِمام الحرمين عما ورد مستثنى: بأنه غير مَعْقُول المعنى، وهو كالشَّاذ، فلا يورد على القاعدة الكلية؛ فإن عادة الأئمة ترك الشَّاذ على شذوذه يعدونه كالخارج عن المنهاج.

وذكر ابن السَّمْعَاني أجوبة أصحابنا عن هذا، وحاصلها: أننا لا ننكر وجود مواضع في الشرع، وتخصيصها بأَحْكَام تخالف أجناسها؛ بدليل شرع في ذلك الموضع بخصوصه، فيكون ذلك [الموضع] (١) مسلمًا، ولا يطلب له معنى، ولا يصدم هو أصلًا، مثل عوض الفبن في المُصَرَّاة، وكما [أنَّا] (٢) لا نقيس عليه غيره، كذلك لا نخصّ به أصلًا.

والقول الملخص: أ ن ما نخصّ به العلة المعنوية إِذا عرف معناه، فهو ممنوع؛ لأنه إِذا افثرق الموضعان بعلّة مؤثرة، تبيّن لنا أنّ المعلل في [نصبه] (٣) العلّة التي خص منها هذا الموضع لم يستوف الحجّة.

والحاصل أن التخصيص يفوت قوة الظَّن بالأمارة، وإنما يفوت قوة الظَّن إِذا استند المَخْصُوص إلى معنى كاستناد المَخْصُوص منه.

فأما إذا لم يستند إِلى معنى أصلًا، فلا يفوت بذلك قوّة الظن ولا يورد نقضًا؛ لأن قوة الظن لم تَفُتْ، وذلك شاذ خارج عن المِنْهَاج المستقيم. انتهى.

قلت: وهذا متلقى من إمام الحرمين، إلا أن إمام الحرمين جعل المستثنى أبدًا غير معقول، والمُخْتَار عند أئمّتنا أنه قد تعقل معناه، وابن السَّمْعَاني جرى على طريقة الأصحاب، وقد أحسن.

وحاصله: أنه إِن كان معنى قدح لمعارضة معنى لمعنى، فمن لم يحترز عنه يوجه الاعتراض نحوه، ون كان لا معنى، فهو شاذ لا يورد نقضًا، كما لا يقاس عليه.

ولقائل أن يقول: إِنما لا يقاس عليه لفوات المَعْنَى الذي هو رابطة القياس.

وأما انعطاف قيد منه كما عرفت، فهو عندي يرد نقضًا في الصورتين.


(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب: نصيبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>