للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولقائل أن يقول: سلمنا أن إِبطال حياة الشَّخص الواحد أمر واحد.

ولكن لم قلت: إِن ما يكون طريقًا إِلى الشيء يجب أن يكون واحدًا؟.

والحكم الذي كلامنا فيه ليس [نفس] (١) إِبطال حياة الشخص، بل الطريق إِليه؟؛ ألا ترى أن حياة الشخص الواحد يمكن إِبطالها بضرب عنقه، وقدّه نصفين، وأمور كثيرة، فلم ادعيت أن ما نحن فيه ليس كذلك؟.

فإن إباحة القتل بالردَّة، وهو طريق واحد إلى إبطال الحياة، وحكمه أن يقتله الإِمام ما لم [يَتُبْ] (٢)، وليس له إِسقاطه، وإباحته بالقِصَاص أن يتمكن الولي من قتله بمثل الطَّريق التي صدرت عنه، أو بالسَّيف، وله العَفْو.

وإباحته بالزنا أن يرجم، ولا يتبع إِذا هرب، فهذه طرق مختلفةٌ، غير أنها اشتركت في أمرٍ واحدٍ، وذلك لا يوجب اجْتِمَاع العلل على حكم واحدٍ، وأيضًا عصمة دم المرء المعصوم دمه حكم شرعي، وهو مشروط بأمور:

منها: الإِسلام، أو الذمة، ويناقضها الكُفْر مع الحِرَابة.

ومنها: العِفَّة، ويضادها الزِّنَا.

ومنها: العَدْل، ويضاده القَتْل ظلمًا، ويختل كل واحد منهما بواحد من هذه الأفعال.

قال إمام الحرمين في تقدم الأمن [بالعفة] (٣) استمكانًا من تقدير [التعدد] (٤) في الموجبات بوجوه ترشد إلى التغاير والاختلاف.

قلت: ونظير هذا في الأمور العقلية أن حياة الشَّخص الواحد مشروطةٌ بشروط: منها: بقاء الأعضاء الرَّئيسة على أَمْزِجَتِهَا المعينة.

ومنها: إِيصال بعضها ببعض، وغير ذلك، وكل ما يحصل في البدن مبطلًا لواحد من هذه الشروط يصير سببًا لإبطال الحياة لا جَرَم أن تعددت أسباب إِبطال الحياة، فإذا فرضنا اجتماع عدّة منها، لا نقول: إن العلل الكثيرة تواردت على معلول واحد.


(١) سقط في أ، ج.
(٢) في أ، ت: يثبت.
(٣) في ب: بالفقه.
(٤) في ب: التعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>