لا يأتي ذلك؛ إِذ هو إِنما حصل [بهما](١) معًا، ولا اجتماع المِثْلين؛ لأنه ليس - هنا - غير شيء واحد، ويحتمل أن يقال: لو عرفت واحدة مع أن الأخرى معرفة، لم تكن مستقلّة، وهو خلاف المفروض.
فإِن قلت: المعنى باستقلالها أنها لو انفردت استقلت.
قلت: كأنك تقول: العلّة شيء شأنه الاستقلال حالة الانفراد، ونحن نسألك عن شأنه حالة الاجتماع.
فإِن قلت: الاستقلال - أيضًا - لم يكن للتفصيل معنى، وكأنك تقول: هي مستقلّة في الحالتين.
وإِن قلت: عدم الاستقلال، يقال: فنحن لا ننكر اجتماع وصفين لا يستقلّان حالة الاجتماع، وإِنما ننكر اجتماع مستقلّين يحصلان المعلول معًا.
أما إِذا لم يستقلا، أو استقلّ واحد بالنسبة إِلى شخص دون آخر، فلا ننكر هذا أبدًا.
فإِن قلت: العلّة مستقلّة في الحالتين، ولكن إِنما يظهر أثر استقلالها حالة الانفراد، أما حالة الاجتماع فلا.
قلت: هنا يرجع الخلاف لفظيًّا، فإِني لا أنكر وضعًا لا يظهر استقلاله، بل ولا يظهر أثر مدخله في العلّية.
فإِني أقول: من لمس وعرف بلمسه، ثم مس، لم يعرفه المس شيئًا ألبتة، ولكني مع ذلك أقول: إِن كان لا يظهر أثرهما، فلا يحصل ألبتة، وإِن ظهر أثر أحدهما معينًا، فهو ترجيح من غير مرجّح، وهو - أيضًا - غير ما نحن فيه؛ إِذ لم تجتمع علّتان على معلول واحدٍ، وإِن ظهر أثر أحدهما مُبْهمًا، فهو من قول القائلين بامتناع اجتماع علّتين؛ إِذ لم يؤثر غير واحد، فأين اجتماع علّتين؟.
فوضح أنه لا يتصوّر اجتماع معرفين يعرفان على وجه الاستقلال من كلّ منهما في حالة واحدة لشخص واحد.
ووضح - أيضًا - أنه لا بدع في اجتماع معرفين، وإِن عرفا على وجه الاستقلال في حالتين، أو لشخصين، ولكن تسميتهما معرفين - هنا - إِنما هو باعتبار ذَاتَيْهمَا، وبعض