للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحوالهما، ولكن هذا ليس من المختلف فيه، ولا يتّجه فيه نزاع، فمن شاء أن يطلق، [إِنما] (١) نمنع عقلًا اجتماع علّتين على معلول واحد، فلا حرج عليه؛ إِذ لا نعني باجتماع عِلَّتين إِلا الصُّورة الأولى، وهي تعريف الشَّخص الواحد في الوقت الواحد على وجه الاستقلال.

فإِن قلت: فما تقولون في رجل أحدث، ثم أحدث ثانيًا حدثًا على حدث لم يتخللهما طَهَارة، أتقولون: إِن الحدث الثاني لم يفعل شيئًا؟.

قلت: كذلك نقول، نعم من لم يعلم بالأول، وإِنما علم بالثَّاني يقضي بحدث المحدث ظانًّا استناده إِلى الحدث الثاني، كما ستعرفه، ويشهد لما قلناه: أن أصحابنا قالوا - تفريعًا على القديم -: إِن سبق الحدث لا يبطل الصَّلاة؛ لأنه لو أخرج باقي الحدث عمدًا، لم تبطل صلاته على الأصح؛ لأن الحَدَث لا يؤثر بعد نقض الطَّهارة، بل نص الشافعي في القديم: أنه لو ابتدأ حدثًا ثانيًا عامدًا، لم تبطل؛ لأنه حدث يرد على حدث، فلم يؤثر في الأول.

وقال المتولي: إِن هذا هو الصَّحيح من المذهب، دلّ ذلك على أن الثاني لم يفعل شيئًا.

فإِن قلت: فما قولك في اجتماع علّتين لشخص واحد في حالة واحدة؟.

قلت: اعلم أولًا أن هذه العِلَلَ الشرعية المنصوبة معرفات، إِذا انفردت كانت علَّة مستقلة، وإِذا اجتمعت، وفعلت شيئًا مغايرًا لما فعلته صاحبتها، ولو أنه مثله، كانت مستقلّة أيضًا.

وإِن ظهر عند اجتماعهما شيء واحدٌ، وذلك شيء لا يظهر أبدًا، فهي إِذ ذاك جزء علّة، [ولا] (٢) يبعد أن تكون جزءًا في موضع، ومستقلّة في موضع، وجزءًا بالنسبة إِلى شخص، ومستقلّة بالنِّسبة إِلى آخر، فافهم ذلك، فهو في المعرّفات واضح جَلِيّ.

ولا يقال: إِذا كانت جزءًا، فيلزم من ارتفاعها ارتفاع العلّة، ضرورة ارتفاع الكُل بارتفاع أحد جزئيه، فلو اجتمع مسّ ولمس - مثلًا - ونوى رفع أحدهما، وقدّرنا أنه يرتفع


(١) في أ، ب، ت: أنا.
(٢) في ت: وأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>