للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمجرّده مع بقاء الآخر - كما ظنه الآمدي رأيًا لبعض أصحابنا - يلزم ارتفاع أصل الحدث؛ لأنا نقول: إِنما يرتفع بارتفاع الجزء الكُلّ المتضمن لذلك الجزء، أما جزء هو في حالة الاجتماع جزء عند الانفراد كلٌّ، فلا يرتفع أثره؛ لأنه إِذا ارتفع كونه جزءًا، فقد خلف الكُل المرتفع بارتفاع الجُزْء كل آخر يستقل بالعلّية، وهو الجزء المنفرد، هذا إِن قلنا: إِنه يبقى بارتفاع أحد الجزئين ما كان.

وإِن قلنا: يرتفع به الحدث الطَّارئ عن الكُلّ، ويبقى مع الجزء الباقي الذي هو كلّ في نفسه حدث آخر، فلا سؤال أصلًا.

وعند هذا أقول: إِذا اجتمع وَصْفَان ظهر بعدهما حكم شرعي، كالمَسّ واللمس يظهر بعدهما الحَدَث، فالحال مُحْتَمِلٌ لأن يكون الظَّاهر حدثين، لا حدثًا واحدًا، وعلى هذا فلا اجتماع لعلّتين، ولأن يكون الظَّاهر حدثًا واحدًا - عند من يجعل الأحكام واحدة - فالوصفان في هذه الحالة أجزاء للعلّة، والعلة مجموعهما عند من عرف بهما، المعني باجتماعهما.

أما من لم يعرف إِلا بأحدهما، فالعلّة بالنسبة إِليه ما عرف به، ولا يصدق اجتماعهما بالنسبة إِليه، فوضح لك أنه يمتنع عقلًا اجتماع علّتين مستقلتين على الوجه الذي [وصفناه] (١)، وأنَّ غاية ما يفرض اجتماع وصفين، وأنت إِذ ذاك بسبيل من جعلهما جزئي علّة، ومن جعل النَّاشيء عنهما شيئين لا شيئًا واحدًا، فلا اجتماع لعلّتين على معلول واحد أبدًا.

فإِن قلت: لقد ظهر لي بهذا امتناع كونهما علّتين في حالة الاجتماع، فما يمنع من علّتين في حالة التعاقب؟.

قلت: قد عرفت أنَّ الخلاف فيما يظهر مخصوص بحالة الاجتماع، وعلى ما ذكر المصنّف [يطرق] (٢) حالة التَّعَاقُب، ولا فرق بينهما على هذا الدليل الذي تَنْحُوه؛ فإِن الوصف الثاني لم يستقلّ بالتعريف، بل إِذا تعاقبا، فإِما أن يقال: المعرف هو الأول وحده، أو لما انضمّ الثاني إِلى الأول صَارَا جزئي علّة، أو يقال بتعدُّد الأحكام، فالحكم الحاصل بالثَّاني غير الأوّل، أو يقال: صارت العلّة أحدهما لا بعينه، فلم تجتمع علّتان على الأوجه


(١) في ب: وضعناه.
(٢) في ت: يطرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>