للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاحْتِمَالَيْن فيما إِذا آل الأَمْرُ إِلى الْمَالِ، هَلْ يَجِبُ الأَرْشُ موزَّعًا عليهم؟ وهو المذكُورُ في التَّهْذِيب، أو يَجِبُ عَلى كُلِّ واحدٍ أَرْشٌ كامِلٌ؟ قال إِمام الحَرَمَيْن: وهو الْأَقْرَب، وهذا يخْدشُ ما قَرَّرْتُمُوة من التَّجزي في المَالِ. قُلْت: لا؛ لأِنَّ القَوْلَ بإِيجَابِ أَرْشٍ كاملٍ مَأْخَذهُ أنَّه صَدَر من كُلِّ واحدٍ مُوَضِّحَةٌ، فَغَايَرَ مُوضِّحَةَ صاحِبِه، ويُمْكن فَصْلُها عَنْها كما قيل في الاحْتِمَال الأوَّلِ من توزيع قِصَاص الْمُوَضِّحَةِ، فلا تعلق بِهذَا لما نحنُ فيهِ. هذا مُنْتَهى الْكَلامِ على الطَّرِيقَة الأُولَى، وأمَّا على الطَّرِيقَةِ الثَّانِيةِ فكَذِلك نقول: لما صدر قَتْلان وكانَ المَقْتُول واحدًا، والدِّيَةُ بَدل المَقْتُول بِسَبَبِ القتلِ، لا بدل القتل نَفْسِهِ، وإِنَّمَا تقابل النَّفس الواحدة بديةٍ واحدةٍ، لا بدياتٍ؛ أتقولونَ: التَّوزيع فيها بخلاف القِصَاصِ أَوْجَبْنَا ذلك، فَإِنْ قلت: أتقولونَ بأنَّ الدِّيَةَ ليست بدلًا عن القتل؟ قلتُ: نعم، فالمقتول يُقَابَلُ بقصاصٍ، أو ديةٍ، وتختلف دِيَتُهُ مقدارًا، وتغليظًا بحسبه، والقتلُ يقابل بكفارةٍ، فإِنْ قلتَ: إِذا كان الصَّادرُ عند اجتماع القاتلين على القتل قتلًا واحدًا؛ فلا ينبغي أن يجب القصاصُ على شريك الأب؛ لأَنَّهُ لم يستبدَّ بالقتل، ولم يصدر عنه في حالة الشَّركَةِ بتمامه؛ إِذْ هو جزء علَّة، وإِذا كان الحَاصِلُ قتلين؛ فينبغي أَنْ يَجِبَ على شريك الخاطِئ؛ لأنَّهُ صدر منه قتل محضٌ عمدٌ عدوان من حيث كونه مُزْهِقًا للرُّوح، فلا ينبغي أنْ يسقط عنه القِصَاصُ برفقته لقتل آخر لم يحصل منه القتلُ على هذه الصِّفَةِ؛ قُلْتُ: قد قُلْنَا ما يُعْرَفُ منه أَنَّ شريك الأَب، وإِن كان الصَّادِرُ منه حالَة الشّركةِ جزء علَّة إِلَّا أنَّهُ إِنما جعله جزء علَّةِ مشاركة [وإِلا فهو في نفسه مستقلّ بالزهوق، وشركته وقعت لمن لا يَسْقُطُ الضمانُ بشركته] (١)، فَلَمْ يَسْقُطْ عنهُ شيئًا، والحاصلُ أنَّهُ أتى بعلَّةٍ مستقلَّةٍ لو انفردت وضمَّها إِلى مَنْ لا ينفعه ضَمُّها إِليه، فلم يعط حكم الجزئيَّةِ تلك الحالة، بل حكم الاستقلال لمأخذ فقهيٍّ لا تَعَلُّقَ للأُصوليّ به، وشريك وإِن أَتَى على التقدير الآخر بقتل غير قتل صاحبه، إِلا أَنَّ القتلين تواردَا على محلٍّ واحدٍ، فأعطيا حكم الواحد فقهًا، والواحد يسقط إِذا وقعت فيه صفة لو وقع كلُّهُ موصوفًا بها؛ لم يجب قصاص، وذلك كلُّه لمآخذ فقهيةٍ لا لمَا نحنُ فيه، فقاعدة مذهبنا أَنَّ كلَّ نفسين اشتركا في قتلِ واحدٍ لم يخل من أحوال:

أحدها: أن يكون كلّ منهما لو انفرد بقتله اقْتِيدَ بِهِ.

والثاني: عكسهُ.


(١) سقط في أ، ب، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>