ويقتلُ حالة الاجْتِمَاعِ لا محالةَ؛ فأوجبنا القصاص حسمًا للباب لا لِشَيْءٍ ممَّا نحنُ فيه، وقد سبق نظيره في أصل الاشتراك على القَتْلِ.
فإِنْ قلتَ: فما رأيكم في جماعةٍ ضربوا واحدًا بسياط، أو عصا حقيقة، ولم يكن ضرب كلِّ واحدٍ منهم قاتلًا، كما لو اجتمعَ عدد كثير فضربه كلُّ واحدٍ منهم ضربةً، فمات؟.
قلت: فيه ثلاثةُ أوجه:
أَحَدُهَا: لا قصاص، ومَنْ عداه شركاؤه، ولا قصاص على شركاء الخَطَإِ وشبه العمد، وهذا بخلاف الجراحَاتِ، فإِنَّها تقتضي القصاص، ولها نِكَايَاتٌ باطنةٌ.
والثَّاني: يجب؛ لئلا يصير ذلك ذريعة إِلى سفك الدماء.
والثالث: الفرق بين أن يتواطئوا على هذا الفعل، فيجب القصاص أو لا، فلا يجب، وهو اختيار القاضي الحُسَيْنِ.
فإِن قلتَ: فقد قالوا في شاهدي الزُّورِ إِذا رجعا أَنَّهُ يجب عليهما القِصَاصُ مع أَنَّ كلًّا منهما لو انفرد بالشَّهادةِ؛ لم تقبل شهادته، ولا فرق بينه وبين مسألة السِّياطِ مع جريان الخلاف هناك، وعدم جريانه هنا.
قُلْتُ: الفرقُ بينهما أَنَّ شاهد الزُّور كشريك الأب؛ فإِنه آتٍ بفعل من جهته لا نقض فيه أَلبتة، وإِنَّمَا الشَّارع لم يلتفت إِليه إِلَّا بضميمة آخر إِليه وعدم التِفَات الشَّارع إِليه، إِذَا كان منفردًا لا يوجب نقصًا فيما فعله، بخلاف السِّيَاطِ؛ فإِنَّ صاحبها يشبه شريك الخاطئ؛ فإِنَّ سياطه مقصّرة عن الزُّهُوقِ بنفسها، والحاصل: أَنَّ الضَّاربَ بالسَّوْطِ لم يأت بفعل مستقلٍّ بالإِزهاق، ولا قصد به الإِزهاق، والشَّاهدُ أَتَى بفعل قصد به الإِزهَاقَ، وهو لولا عدم التفات الشَّارع إِليه مزهق، فكان بمنزلة من أَزْهَقَ بفعله سواء؛ لأَنَّهُ لم يدع شيئًا من مقدوره بل جاء بالشَّهادة الباتَّةِ الجازمةِ كشريك الأب سواء، ولم تثبت شهادته وصف ينقضها، بخلاف شريك الخاطِئِ. هذا ما خَطَرَ لي في الفرق، والسُّؤال قوي، فإِنْ قلْتَ: فما تَقُولونَ فيما إِذَا جرحه رجلان جرح أحدهما مزفف دون الآخر؟.
قلتُ: يجب القِصَاصُ على المزفف؟ لأَنَّهُ قطع عمل صاحبه؟ ولم يجعل له مدخلًا في الصلة، فإِن قُلْتَ: فلو كان جرح أحدهما مزففًا، وشكَّكنا في الآخر هل هو مزفف؟ قُلْتُ: