للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ليست بقرب، فكذلك الصَّبي إِذَا لم يكن معه تمييز يقطع عنه النَّظر بالكليَّة، ولكن في القرابتين اجتمع وصفان بلا شكٍّ، وفي حجر الضَّرورة والاستصلاح قد يقال: إِنهما لا يتعارضان؛ لأَنَّ تعارضهما فرع تخيل اجتماعهما، وهما لا يجتمعان، وقد يقالُ: يتعارضان، فيكونان كالقرابتين كما عرفت، وقد اعترض ابن الأَنْبَارِيِّ شارح "البُرْهَانِ" على إِمَامِ الحرمين بمِا لا أرتضيه، فأنا أحكيه وأتعقَّبُهُ قال: هذا الَّذِي تكلفه إِنَّمَا هو لما قرَّرَهُ من امتناع تعليل الحُكْمِ بعلَّتَيْنِ، فعرض مسائل يتأتى له الجواب عنها.

وأَمَّا المسائلُ العشرة كما صورناه في الخؤولة، والعمومة، والبول، والغائط، والمس، واللمس، فإِنه لهم يتعرض له بالغرض، وأَمَّا الولاية فإِنَّهَا ثبتت بالصِّغَرِ، والجنون جميعًا، وقوله: أحدهما استصلاحية، والأخرى ضرورية، فيقال له: هذا نَظَرٌ في العلَّةِ، وأمَّا حقيقة الولاية فلا اختلاف فيها، ولا تعدد بحال؛ فإِنَّ معنى الولاية منع استبداد الشَّخْصِ بِالتَّصَرُّفِ، وإِقامة غيره ناظرًا له، وَأَمَّا قوله: إِنْ كان لا يميز يعني الصغير، وهذا المجنون بعينه، هذا ليس كذلك عند الفقهاء، ولا الأطبَّاء؛ فإِنَّ الجنون حالة تثبت للشَّخص، وليس الجنون عبارة عن فقدان العقل بحال؛ فإِنَّهُ لو كان كذلك كان النَّائِم، والغافل مجنونين، وإِذا رجع إِلى صفة ثبتت للمحلّ، فهذه الصِّفَةُ لا تلزمُ الصَّبِيَّ الَّذي لا يميّز، فإِذا اتَّصَفَ بها مع صغره، وعدم تمييزه، فعلى من يُحَالُ حكمُ الولاية؟ لا يصحّ الحوالة على أحدهما دون الآخر؛ لظهور تأثيرهما جميعًا، ولا يصحُّ أَنْ يجعلا جزءين؛ لثبوت الاستقلالِ لكُلِّ واحد مِنْهُمَا، فكلُّ ما ذكره في منع تعليل الحكم بعلَّتين غير صحيح، وأَمَّا قوله: إِن الشَّافِعِيَّ لا يرى توريث ذي قرابتين بالقرابتين جميعًا، فليس هو كذلك على الإِطلاق؛ فإِنَّ ابني العم إِذَا كان أحدهما أخًا لأمٍّ؛ ورث بالقرابتين، وَإِنَّمَا ذلك مخصوصٌ عند العلماء بما إِذا كانت إِحدى القرابتين أقرب من الأُخْرَى، وما ذاك لاستحالة تعليل الحكم بعلَّتَيْنِ، بل لأَنَّ البعيدَ نزله الشَّرع منزلة القريب عند عدم القَرِيبِ، وإِذَا نزل منزلته لم يصحَّ أن يرث معه "انتهى".

وَأَنَا أقول: قولكم: فرضَ مسائل يتأتى له الجواب عنها، وأهمل العشرة: قلنا: سنبين إِنْ شاء اللهُ تعالى هو أنها عليه. قولكم: الولايةُ تثبتُ بالصِّغَرِ والجنون معًا، قلنا: هذا موضع النِّزَاعِ. قولكم: إِنَّ قَوْلنَا: أحد إِحداهما استصلاحية، والأخرى ضروريَّة نظر في العلَّة أي وذلك لا يستلزم عدمَ ثبوتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>