خاصة، وهي مقصود الفارض، وأُخْرَى عامّة، وهي الَّتي صحَّ لأجلها تعميم الحكم، وقوله: وهذا على حسنه غير صافٍ عن القذى والكَدَرِ صحيح؛ فإِنَّ المكان مشكل، وعبارته في "البرهان" مشكلة، وأصعب من ذلك أَنَّهُ أَراد الإِيضاح، وافتتح بمثال لا يطابق، فازداد الإِشْكَال، ولهذا إِنِّي هنا أحاول إِيضاح كلامه وحلّه، ثمَّ قال: وأَنَا أضربُ في ذلك أَمْثِلَةً توضِّحُ الفرض فأقول: إِذَا قدم الغاصب إِلى إِنسان مضيفٍ طعامًا مغصوبًا فأكله المضيفُ ظانًّا أَنَّ الطَّعَامَ ملك المقدم المضيف، فقرار الضَّمَانِ في قول الشَّافعيّ على المقدم، ومعتمد هذا القول تقرير التغرير، وكون الغرور مناطًا للضَّمَانِ، وقد قال أَبُّو حنيفة: لو أكره الغاصبُ إِنسانًا على تَنَاوُلِ ذلك الطَّعام، فالقرارُ على الطَّاعِمِ وإِنْ كان مجبرًا مكرهًا كما إِذا كان مختارًا في التناول، وإِذا فرض الفارض الكلام في صورة الإِكراه، فهذه الصُّورة لا يجري فيها عموم التَّعليل بالتغرير؛ إِذ الاختيار يُنَافي الاغترار، ومن ضرورة الاغترار فرض اختيار في المغرور مع استناد اختياره إِلى اغتراره، فأَمَّا المجبر المكره، فلا يتصوَّر بصورة مغترٍّ، وإِن فرض منه ظن، فليس ذلك الاغترار المعتبر، فهذا النَّوْعُ من الفرض غير مرضٍ من جهة أَنَّهُ مجانب لمحلِّ السُّؤَالِ أوّلًا، والفرض المستحسن هو الواقع في طرف يشتمل عليه عموم سؤال السَّائل، وذلك محمول على استشعار انتشار الكلام في جميع الأطراف، وعدم وفاء مجلس واحد باستتمام الكلام فيها، فإِذا فرض المجيب في طرف فيستفيد بالفرض فيه التَّقريب على قرب، وهاهنا تعرض المجيب للكلام فيما لم يشتمل عليه سؤال السَّائل لم يكن في الكلام وجه إِلَّا البناء؛ إِذْ له أَن يثبت كلامًا في غير محلِّ السُّؤَالِ، فليس من فَنِّ الفَرْضِ، وَإِنَّما هو بناء، ولستُ أَرَى للبناء في المسأَلَةِ الَّتي فرضناها وجهًا أيضًا؛ فَإِنَّهُ إِذا ثبت أَنَّ الضَّمَانَ لا يستقرُّ على المكره، فكيف يبنى عليه عدم القرار على المُخْتَارِ الطَّاعم، ولا معتمد في التَّقْرِير على المختار إِلا الاغترار، وهو مفقودٌ في الإِجبار، وشرط البناء جمع فقيه بيّن ما عليه البناء، وبين محلّ السُّؤَالِ. نعم [أساء](١) أبو حنيفة إِذ قرَّر الضَّمان على مَنْ لا اختيار له إِساءةً لا ارتباط لها لآخذ الكلام في صورة الغُرُورِ. "انتهى". وإِيضاحه أَنَّ أبا حنيفة ﵁ يرتب الضَّمَان علي مباشر الإِتلاف دون المسبب، وإِنَّما دعاه إِلى هذا حكمه بأَنَّ المكره على القتل يتوجَّه عليه القصاص دون المكره، وجعل المكره بكسر الراء في معنى الآلة، ولذلك أسقط عنه القصاص، وما ذكره في سقوط أثَرِ السَّبَبِ مع