للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثَالُ النَّظِيرِ: لمَّا سَأَلَتْهُ الخَثْعَمِيَّةُ: "إِنَّ أَبِي أَدرَكَتْهُ الْوَفَاةُ وَعَلَيْهِ فَرِيضَةُ الْحَجِّ، أَيَنْفَعُه، إِنْ حَجَجْتُ عَنْهُ؟ " فَقَالَ: "أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ، أَكَانَ يَنْفَعُهُ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَنَظِيرُهُ فِي السُّؤَالِ كَذَلِكَ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الأصْلِ وَالْفَرْعِ وَالْعِلَّةِ.

قلت: غَلَبَةُ الظن بالتعليل قائمة من غير التفات إِلى هذه الاحتمالات، و - أيضًا - فكان يلزم خلوّ السُّؤال عن الجواب، وتأخير البَيَان عن وقت الحاجة، فإن الغالب أن السائل إنما سأل عن حاجته.

"فإن حذف" من الوصف المقترن بالحكم "بعض الأوصاف" التي لا مدخل لها في العلية، منْ ورود الحكم في يوم كذا للشَّخص الفلاني، وإخراج هذه الأوصاف عن الاعتبار، "فتنقيح" المناط، أي: إِذا ضممنا هذا الحَذْف إِلى ما نحن فيه كان إِيماء بتنقيح المَنَاط.

والثاني: أن يقدر وصفا الشارع، لو لم يكن تقديره للتعليل، لكان بعيدًا، سواء أكان التقدير في محل السؤال، أم في نظيره.

ففي محل السؤال، "مثل" قوله وقد سئل عن بيع الرُّطَب بالتمر: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا [يَبِسَ] (١)؟. قالوا: نعم، فقال: "فَلا إذَنْ"" (٢).

رواه أبو داود، والتِّرْمذي، والنسائي، وابن مَاجَه.

وقال الترمذي: حسن صحيح، وصحّحه ابن خزيمة، والحاكم، فلو لم يكن تقدير نُقْصَان الرطب بالجَفَاف لأجل التعليل لكان تقديره بعيدًا؛ إِذ لا فائدة فيه حينئذ، والجواب يتمّ بدونه.

الشرح: "ومثال" التقدير في "النظير": ما روي أنه "لما سألته الخَثْعمية: إن أبي أدركته الوَفَاةُ وعليه فريضة الحَجّ، أينفعه إِن حججت [عنه]؟ (٣) فقال: "أَرأَيتِ لَوْ كَانَ عَلَى


(١) في ت: بيع.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>