المحذوف جزء علّة، لكان "المستبقى جزء علّة"، ولو كان المستبقى جزء علّة، "لما استقلّ" بالحكم في تلك الصورة، وقد استقلّ، "ولكن يقال: لا بد من أصل لذلك، فيستغنى عن الأول" أي: مجرد إِثبات الحكم بالوَصْفِ المستبقى بدون الوَصْف المحذوف في صورة، لا يلزم كون الوَصْف المستبقى علّة؛ إِذ غاية الإِلغاء أن يفيد أن الوصف المحذوف ليس بعلّة مستقلة، بل لا بد لذلك من أصل يفيد استقلال الوَصْف المستبقى في العلّية، وحينئذٍ يستغنى عن الإلغاء، ويكون ذكره تطويلًا بلا فائدة، ومثل ذلك قبيح في مجلس النَّظر، وهذا بحث ذكره الآمدي.
ومثاله: إِذا قلنا: التفاح ربوي قياسًا على البُرّ بجامع الطعم، فيقال: لم قلتم: إن البرربوي لكونه مطعومًا؟
إنما هو ربوي للقوت مثل، فيقول: القوت باطل؛ لأن الملح ربوي، وليس بقُوتٍ، فيقال: قِسِ ابتداء على المِلحِ، تسقط عنك مؤنة التعليل بالقوت.
الشرح:"ومنها: طرده" أي: يكون الوصف طرديًا من جنس ما علم من الشَّارع إلغاؤه، إما "مطلقًا" أي: في جميع أحكام الشرع، "كالطّول والقصر"، فإِنه لم يعتبر في القصاص، ولا الكَفَّارة، ولا الإِرث، ولا العِتْق، ولا التقديم للصَّلاة، ولا غيرها، فلا يعلل به حكم أصلًا، "أو بالنسبة إِلى ذلك الحكم"، وإن اعتبر في غيره "كالذكورية في أحكام العِتْقِ"؛ إذ هي مُلْغَاة فيه مع كونها معتبرةً في الشهادة، والقضاء، وولاية النكاح، والإرث، فلا يعلل بها شيء من أحكام العِتْقِ.
الشرح:"ومنها: ألا تظهر مناسبة"، أي: لا يظهر للوصف المحذوف وجه مُنَاسبة، "ويكفي المناظر" أن يقول: "بحثت" فلم أجد بينه وبين الحكم مناسبة، "فإن ادّعى" المعترض "أن" الوصف "المُسْتبقى كذلك"، فذلك مسموع منه، إِن لم يكن قد سبق منه تسليم مُنَاسبة كلّ واحد من الوصفين.