للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقال الشيخ أبو إِسحاق: إِنما أراد ترجيح إِحدى العلّتين في الفرع بكثرة الشبه.

ثم اختلف القائلون بقياس الشَّبه، فمنهم من اعتبره مطلقًا، ومنهم من شرط في اعتباره [إرهاق] (١) الضرورة إلى الحكم في واقعة لا يوجد فيها إِلَّا الوصف الشبهي، ومنهم من شرط في اعتباره أن يجتذب الفَرْع أصلان، فيلحق بأحدهما بِغَلبةِ الأشباه، ويسمونه - والحالة هذه - قياس غلبة الأشباه، وهذا ما يدلّ عليه نص الشافعي، وقد حكيت نصه في "شرح المنهاج".

ومنهم من يعتبر الأَشْبَاه الحكمية، ثم الراجعة إِلى الصفة.

ومنهم من يسوي بينهما.

ومنهم من قال: إِنما يعتبر شبه الأحكام فقط دون شبه الصورة، كرد وَطْء الشبهة إِلى النكاح في سقوط الحدّ، ووجوب المهر؛ لشبهه بالوَطْء في النكاح في الأحكام، ونقله ابن السَّمْعَاني عن أصحابنا، ونقله غيره عن الشافعي نفسه.

ومنهم من اعتبر شبه الصورة - أيضًا - كقياسنا الخَيْل على البِغَال والحَمِيرِ في سقوط الزَّكَاة، وقياسهم في حُرْمة اللحم.

وقال الإِمام في "المحصول": المعتبر حصول المُشَابهة فيما يظن أنه مستلزم لعلّة الحكم، أو علّة للحكم، سواء أكانت المُشَابهة في الصورة أو المعنى.

[قال أبو إسحاق المروزي] (٢) في "أصوله": إنا لا نعني بـ "قياس الشّبه" أن يشبه الشيء بالشَّيء من وجه أو أكثر؛ لأنَّهُ ليس في العالم شيء إلا وهو يشبه شيئًا آخر من وجه أو أكثر من وجه، لكن نعني: أنه لا يوجد شيء أشبه به منه، فلا يوجد شيء أشبه من الوضوء بالتيمُّم، فيلحق به.

ولقد أكثر الأَصْحَاب في الاحتجاج لقياس الشَّبه، وأصح ما ذكروه مَسْلَكَان:

أحدهما: أن قياس المعنى إنما صير إليه؛ لإِفادته الظن، فكل ما أثار ظنًّا يلحق به، وقياس الشبه يفيد الظَّن، وقضوا على من أنكر ذلك بالعناد.


(١) في ت: إنزهاق.
(٢) في أ، ت: قال القاضي أبو حامد المروزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>