١٥ - أنه أوجب على الرقيق "نصف حد الحر" مع أن حاجته إلى الزجر عن المحرمات كحاجة الحر. ١٦ - أنه أوجب على من نذر الطاعة أن يفي بها "وجوز لمن حلف على فعلها أن يتركها ويكفر عن يمينه" مع أن كلًّا منها قد التزم فعلها لله تعالى. ١٧ - أنه حرم صوم أول يوم من شوال "وفرض صوم آخر يوم من رمضان" مع تساوي اليومين في أن كلًّا منهما زمان. ١٨ - أنه فضل بعض الأزمنة والأمكنة على بعض مع استوائها في الحقيقة؛ ففضل ليلة القدر ويوم عرفة على غيرهما مع استواء الجميع في كونه زمانًا، وفضل مكة والمدينة وبيت المقدس على سائر الأمكنة مع استواء الجميع في كونه مكانًا. وأمّا النوع الثاني، وهو ما جمع فيه بين المختلفات فمن صوره: ١ - أنه جمع بين الخطأ والعمد "في ضمان الأموال" مع اختلافهما في التعدي. ٢ - أنه جمع بين العاقل والمجنون، والطفل والبالغ "في وجوب الزكاة" مع اختلافهم بالتكليف وعدمه. ٣ - أنه جمع بين الماء والتراب "في جواز التطهر بكل منهما" مع اختلافهما في الحقيقة والخواص؛ فإن الماء منظف، والتراب ملوث. ٤ - أنه جمع بين زنا المحصن والردة "في إيجاب قتل مرتكبهما" مع تفاوتهما في مقدار المعصية. ٥ - أنه جمع بين الميتة وذبيحة المجوسي وصيد المحرم "في تحريم كل منها" مع أن الميتة قد انحبس فيها الدم بخلافهما. فهذه الصور وأضعافها وأضعاف أضعافها يثبت بها أن شريعتنا قد جاءت بالتفريق بين المتماثلات والجمع بين المختلفات؛ فتمت الصغرى. ١ - أَمَّا الغسل من إنزال المني دون البول؛ فلما يحدثه إنزال المني من الثقل والكسل والفتور. وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال يعيد إلى البدن قوته، ويخلف عليه ما تحلل منه. ففرض الاغتسال منه في غاية الحكمة، بخلاف البول؛ فإن البدن لا يتأثر بخروجه هذا التأثر، فلم يفرض الغسل من خروجه، وأيضًا خروج البول يتعدد كل يوم ففي فرض الغسل منه حرج ومشقة عظيمة بخلاف المني. وأمّا إبطال الصوم بإنزال المني عمدًا دون البول؛ فلأن مبني الصّوم محاربة الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج، وفي إنزال المني عمدًا مخالفة لذلك فأبطل الصوم، بخلاف البول فإنه لا =