للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= منافاة بينه وبين مقصود الصوم، فافترقا في علتي هذين الحكمين، فوجب افتراقهما في الحكمين وإن تماثلا في أنهما فضلتان خارجتان من القبل، فهذا تماثل في صفة لا أثر لها.
٢ - وأما غسل الثوب من بول الصبية ونضحه من بول الصبي؛ فلأنهما يختلفان من وجهين: "أحدهما" أن بول الصبي ينزل متفرقا، فيشق غسل ما أصابه كله بخلاف الصبية.
"وثانيهما: أن بول الأنثى أثبت وأنتن من بول الذكر، وسببه حرارة الذكر ورطوبة الرحم، فالحرارة تخفف من نتن البول وتذيب منها ما لا يحصل مع الرطوبة، وهذان معنيان مؤثران يحسن اعتبارهما في الفرق بينهما، فليست علة النضح مطلق النجاسة التي يتماثل فيها النوعان، بل النجاسة مع هذين المعنيين، وهما يختلفان فيهما، فالتفرقة بينهما تفرقة بين مختلفين لا متماثلين.
٣ - وأما قصر الصَّلاة الرباعية في السفر دون الثنائية والثلاثية؛ فلقيام الفارق بينها؛ إذ ليس المعنى الداعي إلى القصر هو مجرد كونها صلاة مفروضة في السفر، وإنما الداعي الحقيقي أن هذه رخصة شرعت تخفيفًا على المسافر، ولا شك أن الذي يناسبه التخفيف إنما هو العدد الكثير دون القليل، فالصلاة الرباعية تحتمل الحذف لطولها، بخلاف الثنائية فإن القصر يجحف بها على أنها لو قصرت لعادت إلى ركعة واحدة، وهذا ليس له نظير في أصل مشروعية الصلاة، وأما الثلاثية فلا يمكن تشطيرها، وحذف ثلثيها مخل بها، وحذف ثلثها يخرجها عن حكمة شرعها وترًا؛ فإنها شرعت لتكون وتر النهار كما قال : "المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل".
٤ - وأما إيجاب قضاء الصّوم على الحائض دون الصلاة؛ فلأن الصلاة تتكرر في كل يوم خمس مرات، وفي إيجاب قضائها على الحائض مشقة لا تحصل في قضاء الصوم الذي فرض في شهر واحد من السنة كلها، فهما وإن تماثلا في كونهما فرضين، فقد افترقا بعظم المشقة في قضاء الصَّلاة دون الصوم؛ فافترق حكمهما لذلك.
٥ - وأمّا تحريم النظر إلى العجوز الشوهاء إذا كانت حرة وإباحته إلى الشابة البارعة الجمال إذا كانت أمة، فإن كان المراد النظر ولو بشهوة ولو أدى إلى الفتنة فالقول بإباحته كذب على الشارع.
وإن كان المراد النظر بلا شهوة حيث لم تحس منه فتنة فذلك إنما يباح للأمة دون الحرة لوجهين:
"أحدهما": أن الأمة يحتاج إلى امتهانها واستخدامها داخلًا وخارجًا، ففي تحريم النظر إليها حرج بخلاف الحرة.
"وثانيهما" أن تحريم النظر فيه شيء من التكريم، وهو أليق بالحرة من الأمة التي أهانها =

<<  <  ج: ص:  >  >>