ومراده بـ"المعارض" - هنا -: المنافي، كما تقدم في قوله: وألّا تكون المستنبطة بمعارض.
أما [الجمع](١) بين المُخْتلفات، فلعلّه فيما ذكر "لاشتراك المُخْتلفات في معنى جامع"، هو علة الحكم في الكل؛ إِذ لا يمتنع اشتراك المُخْتلفات في صفات ثبوتية، "أو لاختصاص كلّ بعلة لحكم خلافه"، أي: يقتضي حكم المخالف الآخَر، فإِن العلل المختلفة لا يمتنع أنْ توجب في المَحَال المختلفة حكمًا واحدًا، وقد ردُّت شُبْهة النَّظَّام بأوجه شَتّى:
منها: أن غاية ما أورد أَمارات تخلف الحكم عنها، وذلك لا يقدح في كونها أَمَارة، كالغَيْمِ الرطب أمارة المطر، وقد يتخلّف، ذكره ابن السَّمْعَاني.
ومنها: أنا لا ندعي أَنَّ الشريعة بِأَسْرِهَا معقولة المَعْنَى، بل فيها التعبُّدي وغيره، والقياس إِنما يكون حيث يعقل المَعْنَى، وعلى أَنَّ المعنى فيما إذا ورد لائح، فالمَنِيّ والبول وإن اتفقا في كونهما خارجين من مخرجٍ واحد، فقد استويا في إِيجاب الطهارة ولم يفترقا بحيث جعل في أحدهما طهارة بالماء، وفي الآخَر كَفَّارة بالمال، نعم افترقا في الغُسْل وغيره؛ لأنَّ خروج المَنِيّ نادر لا تَعُمّ به البَلْوَى، فلم يكن في إِيجاب أشدّ الواجبين فيه زيادة كُلْفة، وتأمّل ما بعده من الصور تَلْفَ معناه لائحًا، فلا نطيل.