وَرُدَّ بِالظَّوَاهِرِ، وَبِأَنَّ النَّقِيضَيْنِ شَرْطُهُمَا الاِتِّحَاد، وَبِأَنَّ تَصْوِيبَ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ لَا بِعَيْنِهِ جَائِزٌ.
قَالُوا: إنْ كَانَ الْقِيَاسُ كَالنَّفْي الأَصْلِيِّ، فَمُسْتَغْنًى عَنْه، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا، فَالْظَّنُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ.
وَرُدَّ بِالظَّوَاهِرِ، وَبِجَوَازِ مُخَالفةِ النَّفْي الأَصْلِيِّ بِالظَّنِّ.
"وبأن المراد" من الاختلاف المنفي عن القرآن "التناقض" فيه، "أو ما يخلّ بالبَلَاغة"؛ خشية إلا يكون على نَمَطٍ واحد من البلاغة، وهذا هو الحَق، فالقرآن في نفسه لا اختلاف فيه أصلًا.
"فأمّا" غالب "الأحكام، فمقطوع بالاختلاف" بين الأمة "فيها".
"قالوا: إذا اختلفت الأَقْيِسَةُ في نظر المجتهدين، فحينئذ "إِن كان كلّ مجتهد مصيبًا، فكون الشيء ونقيضه حقًّا محال، وإن كان المصيب واحدًا، فتصويب أحد الظنين مع الاستواء محال".
الشرح: "ورُدّ" أولًا: بالنقض "بالظواهر"؛ فإِن الاجتهاد ليس مختصًّا بالقياس.
وثانيًا: "بأن النقيضين شرطهما الاتحاد"، ولم يوجد ها هنا: لأن الحكم على كل مجتهد بالإصابة، إنما هو بالنسبة إليه ومن قلده دون غيره.
"و" ثالثًا: بأن تصويب أحد الظَّنين لا بعينه جائز"، ونحن إِذا قلنا: المصيب واحد، لا نعيّن واحدًا لتصويب حتَّى يلزمنا التَّحكُّم.
"وقالوا: إن كان القياس" يقتضي في الوَاقِعَةِ حكمًا "كالنَّفْي الأصلي، فمستغنى عنه" بالتمسُّك بالنفي الأصلي، "وإن كان" يقتضي "مخالفًا للظَّن"، وهو القياس "لا يعارض اليقين"، وهو البراءة الأصلية.
"ورُدّ: بالظواهر"؛ فإن ما ذكر آتٍ فيها، "ويجوز مُخَالفة النَّفي الأصلي بالظَّن"، كما خولف به في الشهادة والأَقَارِيرِ، وغير ذلك.
فإن قلت: كيف ترجّح المظنون على المقطوع؟.
قلت: المقطوع به في البَرَاءَةِ الأصلية، إِنما هو أصلها دون دَوَامها، وهذا شأن كلّ استصحاب، والمرتفع بالظَّن إنما هو الدّوام، والظَّن الطارئ عليه أقوى من الظَّن المستفاد