للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنَا: الْقَطْعُ بِأنَّ مَنْ قَالَ: "أَعْتقْتُ غَانِمًا؛ لِحُسْنِ خُلُقِهِ"، لا يَقْتَضِي عِتْقَ غَيْرِهِ مِنْ حَسَنِي الْخُلُقِ.

قَالُوا: "حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لإِسكَارِهِ" مِثْلُ: "حَرَّمْتُ كُلَّ مُسْكِرٍ".

وَرُدَّ: بِأنَّهُ لَو كَانَ مِثْلَه، عَتَقَ مَنْ تَقَدَّمَ.

قَالُوا: لَم يَعْتِقْ؛ لأَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ، وَالْحَقُّ لآدميٍّ.

قُلْنَا: يَعْتِق بِالصَّرِيحِ، وَبالظَّاهِرِ.

والثاني: أن يجعل التَّنْصيص على العلّة أمرًا بالقياس، وهو نقل الأكثرين عن الذاهبين إلى هذا القول، وقد أتى المصنف بعبارة تشمل الاحتمالين، حيث قال: لا يكفي في التعدي، فإن التعدي؛ عن النصوص قد يكون بالقياس، وقد يكون بالتعميم، ثم إنه لم يعز القول بأنه يكفي إلى النظام، وأراد ذلك - والله أعلم - لسؤال يورد، وهو أنه كيف يجامع إنكاره التعبد بالقياس قوله - هنا - بهذه المقالة؟

والسؤال - عندي - ساقط؛ فإنه إن كان رأيه ما نقله الغَزَالي، والآمدي من التعميم، فليس ذلك من القياس في شيء.

وإن كان الثاني، فغايته القضاء بأن قضية النص على العلّة الأمر بالقياس، وليس فيه ما يقتضي وقوع ذلك، ولا جواز وقوعه، وما تقدم منه استحالة وقوعه من غير تعرُّض إلى أن اللفظ لو وقع، ماذا مدلوله؟ فلم يتوارد الكلامان على [محل] (١) واحد.

الشرح: "لنا: القَطْع بأن من قال: أعتقت غانمًا لحسن خلقه، لا يقتضي عِتْق غيره من حسني الخلق"، من عبيده، ولو كفى التَّنصيص على العلّة في التعدية، لعتق غيره ممن شاركه في حسن الخلق.

ولك أن تقول: هذا مُنْقدح، إن كان الخصم يدعي أن التعميم من قضية اللفظ، كما هي طريقة الآمدي في النقل عن النَّظام، فإن قوله حينئذٍ: أعتقته لحسن خُلقه، بمنزلة: أعتقت كل حسني الخلق.


= المنصوصة لكي نقيس عليها ما لم ينص عليه منها، فيكون القياس محتاجًا إليه لإثبات تلك الأحكام حتى بعد نزول الآية الكريمة.
(١) في أ، ت: مخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>