للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصفًا "ضابطًا لها" على تقدير امتناع التَّعْليل بها،" [اتحد] (١) الحكم والسبب"، واستغنى عن الالْتِفَات إلى الوصفين، وصار القياس في الحُكْمِ المرتب على الجملة، وهي الجامع بينهما، وإذا اتحدا، فأين الأصل والفرع؟.

"وإن لم يكن" بين الوصفين "جامع" من حِكْمَةٍ منضبطة، أو مظنَّة "ففاسد"، أي: فالقياس فاسد؛ لخلوّه عن الوصف المشترك.

وحاصل هذا: أن القياس لا بُدَّ أن يكون لوصف مشترك، وإلا فلا جامع بين الأصل والفرع، فلو قسنا اللِّوَاط على الزنا، فلا بد من مشترك هو علّة الموجبية [والسَّببية] (٢)، وحينئذٍ فالسَّبب المشترك لا خصوص الزنا - مثلًا - فلا يكون كل واحد من الزنا واللّواط سببًا؛ لاستناد الحكم إِلى المشترك دون الخصوصية، ومن شرط القياس بقاء حكم الأَصْل، وهو زائل؛ لأن المقيس عليه - حينئذٍ - يخرج عن أن يكون مقيسًا عليه، فإذن جريان القياس في الأَسْبَاب يقتضي ألا يكون السَّبب الذي هو أصل سببًا، وذلك خلف.

فإن قلت: هذا منقوض بالقياس في الأحكام.

قلت: لا؛ لأن الأصل فيه غير موجب للحكم، بخلاف السَّبب، فإنه موجب؛ فإِضافة الموجبيّة إِلى القدر المشترك، لا يجامع الإِضافة إِلى السبب الذي هو الأصل على سبيل الخصوصية.

ولقائل أن يقول: العلّة الحقيقية هي الحكمة والحَاجَة، لكنها لما لم تكن منضبطة


= حيث لا يكون تشويه في الجسم، ولا طول في التعذيب؟
قلنا: إن الرجم في الإسلام جاء لحكمة سامية، وهي أن الرجم بالحجارة جاء من جنس الذنب المقترف؛ فإن من يرتكب هذا الأمر المنكر إنما يكون جزاؤه الإعدام مصحوبًا بالإهانة، والاحتقار، وأنت عليم بأن الرجم يوجد فيه من الإهانة ما لا يوجد في غيره من أنواع القتل، وتوجد فائدة أخرى للرجم إن كان موجبه ثابتًا بالإقرار، وهي أنه ربما يرجم في إقراره في أثناء الرجم، ولا توجد هذه الفرصة لو كان القتل بالرصاص أو بالشنق مثلًا.
(١) في أ، ت: الحد.
(٢) في أ، ت: السنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>