عنهما في الفرع، لا في الأصل، فمِاذا اتفقا - مثلًا - على أن البُرّز ربوي، واعتلّ أحدهما بالطعم وبين وجه مناسبته، كان للمعترض أن يقول: لم لا تعلقت بالكيل وهو - أيضًا - مناسب وتبين ذلك؟! وإِذا لَاحَتْ مناسبتها، وَضَح أنّ التعليق بأحدهما، وترك الآخَر تحكم. هذا ما فهمته من عبارة الكتاب، وهي قَلِقَةٌ عاصية.
الشرح:"فإن رجح" استقلال وصف المستدلّ إِذا ادّعاه مستقلًّا "بالتوسعة" في الأحكام "منع الدلالة" دلالة التوسعة على الأَرْجَحِيّة؛ فإِن العلة لا ترجح بكثرة فروعها عند المحققين.
"ولو سلم، عورض بأن الأَصْل انتفاء الأحكام"، فالجزئية جاريةٌ على الأصل، فيتعارضان.
"و" عورض - أيضًا - "باعتبارهما معًا" أي: اعتبار وصفي المستدلّ والمعترض، فإِن اعتبارهما معًا أولى من إِلغاء أحدهما؛ لأنَّهُ جمع بين دليلين.
"وأيضًا، فلما ثبت" أي: وتقبل المُعَارضة - أيضًا - لما ثبت من "أن مباحث الصَّحابة كانت جمعًا" بين مفترقين، "وفرقًا" بين مجتمعين، ومن نظر في آثارهم وجد الكَثِيرَ من ذلك، وما ذلك إلا بتعميم بعضيّة وصف، وتخصيص بعضية آخر، وهو إِجماع منهم على إِبداء وصف فارق وقَبُوله، وهو المراد.
والمانعون من قبول المُعَارضة "قالوا": لو قبلت، لزم "استقلالها بالمناسبة"، وذلك "يستلزم" تعدّد العلل على معلول واحد، وهو باطل، وإنما استلزام "التعدد"؛ لأنّ العلة إِذا قبلت من المُعَارض بها، صارت في الرّبوي - مثلًا - الطّعم الذي ذكره المستدلّ، والكيل أو القوت الذي ذكره المُعَارض، وفي القِصَاصِ القتل العَمْد العدوان فقط، والقَتْل العَمْدْ العدوان بجارح؛ وتظهر فائدة هذا حالة انتفاء الجَارحِ، فإِن القصاص يثبت لأن غاية الأمر انتفاء العلّة المركّبة من الجارح وغيرة، وثم علّة أخرى، فيتعلّق بها.