للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إذا ازدحما على فرع وأصل في محلّ النزاع فالمختار فيه عندنا: اتباع الإخالة، فإن كان الفرق [أخْيل] (١)، بطل الجمع، وإن كان الجمع أخيل سقط الفرق، وإن استويا، أمكن أن يقال: هما كالعلّتين المتناقضتين إذا بنيا على صيغة التساوي، وأمكن أن يقال: إن الجمع مقدم من جهة وقوع الفَرْقِ بعده، غير مناقض له، والجامع يقول: لم ألتزم انْسِدَاد مسالك الفروق.

قال: وحاصل القول في مذاهب الجَدَلِيين يئول إلى ثلاثة مذاهب:

أحدها: ردّ الفرق جملة، ورد المُعَارضة - أيضًا - في الأصل والفرع.

والثاني، وهو منسوب إلى ابن سريج، واختاره الأستاذ أبو إسحاق: أن الفرق ليس بسؤال على حِيَالِهِ واستقلاله.

وأما المعارضة في الفرع فهي مقبولة.

والثالث، وهو الصحيح: أن الفرق مَقْبُول، وليس الغرض منه مُقَابلة علّة الأصل بعلة، وإنما الغرض منه مناقضة الجَمْع، ثم المنقول منه ينقسم إلى ما يبطل فقه الجَمْع، ويلحقه بالطرد، ومنه ما لا يبطل فقه الجمع بالكُلّية، ولكنه يشتمل على فِقْهٍ آخر مناقض لقصد الجامع، ثم ذلك ينقسم إلى زائد في [الإخالة] (٢) على العلّة، وإلى مساوٍ له.

قال: والقول الوجيز ينتظم بفرع وأصل، ومعنى رابط بينهما على شرائط معلومة، والفرق معنى يشتمل على ذكر فرع وأصل، وهما يفترقان [فيه] (٣)، وهذا يقع على نقيض غرض الجمع، ومن ضرورته معارضة الأصل والفرع، ولكن الغرض منه مُضَادّة الجامع بوجه فقهي، أو بوجه شبه، إن كان القياس من فنّ الشّبه.

فعلى هذا لو سمى مسم الفرق "معارضة"، لم يكن بعيدًا، ولكن ليس الغرض منه الإتيان بمُعَارضتين على الطَّرد والعكس، بل فقه ينتظم من مُعَارضتين، يشعر بمفارقة الفَرْعِ


(١) في أ: اختل.
(٢) في أ، ت: الإحالة.
(٣) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>