للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأصل على مُنَاقضة الجمع، فهذا سرٌّ الفرق، ومن وفر حظّه من الفِقْهِ، وذاق حقيقته، اسْتبَانَ أن المُعَارضة الكُبْرَى التي عليها مُتَشَاجر الفقهاء هو الفرق والجمع، والجامع - أبدًا - يأتي بما [يخيل اقتضاء] (١) الجَمْع، ويأتي الفارق بأخصّ منه مع الاعتراف بالجمع الذي أَبْدَاهُ الجامع، ويبين الفارق أن الفرع والأصل إذا افترقا في الوجه الخَاصّ، كان الحكم بافتراقهما أوقع من الحُكْمِ باجتماعهما في الوصف، ثم يتجاذب الجامع والفارق أطراف الكلام.

هذا حاصل كلام الإمام، وهو حق، ومختصره أن الفرق قد يعود على الجمع بالإبطال، ويلحقه بالطرد، وذلك لا يردّ، وقد لا يفيد شيئًا، وذلك هو المردود، والنزاع فيما توسط بين هاتين المنزلتين، والمتبع فيه [الإخالة] (٢)،

وقد اعترض عليه بأن ما يلحق جمع الجامع بالطَّرد، ليس مما نحن فيه من الفروق؛ فإنه عند النظر لا يبقى للجامع فقهًا بحال.

وجواب هذا: أن من الجوامع ما يظهر كونه طردًا، كالطول والقصر، وذاك لا رَيْبَ في أنه ليس جامعًا، وهو طردي، وليس الفرق فيه مما نحن فيه، ومنها ما يظهر كونه فقهيًّا، وهو موضع الفرق، ومنها ما يتوسّط بين [المَكَانتين] (٣)، فيحسبه الجامع فقهيًّا، [ويخال] (٤) الفارق كونه طرديًّا، وهذا من أماكن الفروق، إلا أن القَبُولَ فيه متّجه؛ إذ الفارق بين لحاقه بالطرديات، وإن لم يظهر حاله في بادئ الأمر، وقد مثل له بمسألة البَيْعِ الفاسد، وأشار إلى ما ذكرناه بقوله: ربّ فرق يلحق جمع الجامع بالطّرد، ولولاه كان الجمع فقهيًّا، فهذا صريح في أنّ المراد ما يظنّ في باديء الرأي كونه مخيلًا مناسبًا، فينتهض الفرق قاطعًا أثره، لا ما هو طرد ظَاهِر، فلا يقال عليه: ليس هذا مما نحن فيه.

قال ابن السَّمْعَاني: والمثال الذي ذكره في مسألة البَيْعِ الفاسد ليس مما يتكلّم فيه في شيء؛ لأن البيع الذي لا يمكن فيه إثبات المشروعية لا يكون مفيدًا للملك عند أحد من


(١) في أ، ت: يحيل اقتصار.
(٢) في أ، ت: الإحالة.
(٣) في أ، ت: المكاتبين.
(٤) في أ، ت: ويحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>