للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ كَانَا طَرْدًا لا عَكْسًا؛ كالْجِسْمِ وَالْحُدُوثِ، جَرَى فِيهِمَا الأَوَّلُ طَرْدًا، وَالثَّانِي عَكْسًا.

وَالْمُتَنَافِيَانِ إِنْ كَانَا طَرْدًا وَعَكْسًا؛ كَالْحُدُوثِ وَوُجُوبِ الْبَقَاء، جَرَى فِيهِمَا الأخِيرَانِ طَرْدًا وَعَكْسًا: فَإِنْ تَنَافَيا إِثْبَاتًا؛ كَالتَّأْلِيفِ وَالْقِدَمِ، جَرَى فِيهِمَا الثَّالِثُ طَرْدًا وَعَكْسًا: فَإِنْ تَنَافَيَا نَفْيًا؛ كَالأَسَاسِ وَالْخَلَلِ، جَرَى فِيهِمَا الرَّابعُ طَرْدًا وَعَكْسًا.

الشرح: و "وإن كانا" مُتلازمين "طَرْدًا" كالجسم والحُدُوثِ"، فإنَّ الجسم مستلزم للحدوث من غير عكس "جرى فيهما الأوَّلُ": أعني التَّلازم الثبوتي "طردًا"؛ لأنَّ كلَّ جسم محدث لا عكسًا؛ إذ ليس كلُّ ما ليس بجسم ليس محدثًا. "والثَّاني": أعني التَّلازم السَّلبي طردًا؛ فإنَّ عدم الحدوث مستلزم لعدم الجسم لا طردًا؛ فإنَّ الحدوث ليس بمستلزم للجسم. "والمتنافيان إن كانا" متنافيين "طردًا وعكسًا" أي: وجودًا وعدمًا، وهي المنفصلة الحقيقيَّة فينافى وجود كلٍّ منهما وجود الآخر، وعدمُهُ عَدَمَه، "كالحدوث ووجوب البقاء"، إذ بينهما منافاةٌ وجودًا وعدمًا "جرى فيهما الآخران"، أعني التَّلازم بين ثبوتٍ ونفي، وعكسه "طردًا"؛ فإنَّ كل محدثٍ ليس بواجبٍ، والواجبُ ليس بمحدثٍ: "وعكسًا"؛ فإنَّ ما ليس بمحدثٍ واجب، وما ليس بواجبٍ محدث، "فإن تنافيا إثباتًا" فقط، أي: لم يجتمعا على الصِّدق مع جواز كذبهما "كالتَّأليف [والقدم] (١) "، إذ لا يجتمعان، فلا يوجد شيء هو مؤلَّفٌ وقديمٌ، وقد يرتفعان كالجزء الَّذي لا يتجزَّأُ "جرى فيهما" "الثَّالث، وهو استلزام الثُّبوت للنَّص "طردًا وعكسًا"، فإنَّ كلَّ مؤلَّف ليس بقديم، والقديم ليس بمؤلَّفٍ، فإن تنافيا نفيًا فقط أي: لم يجتمعا على الكذب مع جواز صدقهما كالأساس والخلل، فإنَّهما لا يرتفعان، فلا يوجد ما ليس له أساس ولا يختل، وقد يجتمعان في كل ذي أساس يختلُّ بوجه آخر جرى فيهما الرابع: وهو استلزام النفى للثُّبوت طردًا وعكسًا، فيصدق كلُّ ما لم يكن له أساس، فهو مختلٌ، وكل ما لم يكن مختلًّا، فله أساس، فهذه أقسام التَّلازم بحسب موادِّها، فلنذكر أمثلتها في:


(١) في ت: العدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>