للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يقول به، وعند هذا نقول: أراد بـ "الأكثر" أناسًا من أصحابنا وغيرهم، وربما قيل: لا خلاف فيه كما ستراه.

ومنها ما يختلفون فيه، وهو استصحاب حال الإجماع، وله مثل المصنف، واختار تبعًا للآمدي أنه حجة، ولكن عليه اعتراض من جهة أن الغزالي لا يراه، فالنَّقل عنه ليس على جهة، وقد نقل عنه الآمدي أنه أنكره كما هو الصَّواب عنه.

وأما الصيرفي والمزنى فيريانه، ولا يظهر لتخصيصهما بالذكر وَجْهُ فقيه، ولا فيه أيضًا لَوْم، وإنما هو أمر اتفاقي، إذا عرفت هذا، فنقول: الأكثرون على أن الاستصحاب حجه، سواء أكان في النص أم الإثبات، ولا يخفى عليك أن له في النفي حالتين؛ لأنه إما أن يكون عقليًّا أو شرعيًّا، وليس له في الإثبات إلا حالة واحدة؛ لأن العَقْل عندنا لا يثبت حكمًا وجوديًا ألبتة.

وأما النفي فما كان منه شرعيًّا كقوله : "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" (١).

فليس له أيضًا مَدْخَل كالوجودي، وما كان منه عقليًّا، وهو الذي عرف نفيه بالبَقَاءِ على العدم الأصلي به [إلا] (٢) بتصريح الشَّارع كنفي وجوب الصَّلاة السَّادسة، وصوم شوال، فالعقل يدل عليه [بطريقة] (٣) الاستصحاب إلى أن يرد السَّمع الناقل عنه.

لا يقال: دلالة الاسْتِصْحَاب ظنية، وعدم وجوب ما ذكرتم قَطْعِي، فكيف يكون مستفادًا منه؛ لأنا نمنع ذلك، ونقول: عدم السَّمعي قد يكون معلومًا كما في هَذَيْنِ المثاليين، فيدل على القطع.

وذهب جمهور الحَنَفية كما ذكر المصنّف إلى أنه ليس بحُجة.


(١) أخرجه البخاري (٣/ ٣٧٨) كتاب الزكاة: باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة، رقم (١٤٥٩)، ومسلم (٢/ ٦٧٣) كتاب الزكاة (١/ ٩٧٩)، ومالك (١/ ٢٤٤) كتاب الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة (١) من حديث أبي سعيد.
(٢) في أ، ت: لا.
(٣) في أ، ت: بطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>