إنكار أبي معبد ما حدث به عنه عمرو بن دينار من حديث ابن عباس أنه كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله ﷺ.
أما إذا لم يصمم، وحمل أمر شكّه في نفسه على النسيان، فلا تظهر مرجوحية، وقد كانوا يحدثون بعد ذلك عمن روى عنهم، فيقول واحدهم: حدثني فلان عني كما فعل بـ "سهيل" في حديث القضاء باليمين مع الشاهد.
وسبقه أنس فقال: حدثني ابني عنى أن النبي ﷺ نهى أن يجعل فصّ الخاتم من غيره.
الشرح: الصنف الثاني: الترجيح بحسب المَتْن، وإليه أشار بقوله:"المتن"، فيرجح "النهي على الأمر"؛ لأن النهي لدفع المفسدة، والأمر لِجَلْبِ المصلحة، والاهتمام بدفع المفسدة أشد، "والأمر على الإباحة على الصحيح" للاحتياط. وقيل: يرجح ما مدلوله الإباحة؛ لأن مدلوله متحد، ومحامل الأمر كثيرة، والإباحة على النهي.
كذا بخط المصنف، وظاهره أن ما مدلوله نهي راجح على ما مدلوله إباحة.
وقد اختلف أصحابنا فيما إِذا تعارض خَبَران أحدهما يقتضي الحَظْر، والآخر الإِباحة على وجهين حكاهما ابن السَّمْعَاني وغيره:
أحدهما: أنهما سواء؛ لأنهما حكمان شرعيان. والثاني: تقديم ما يقتضي الحَظْر، وسيرجّحه المصنّف حيث يقول في المدلول الحظر على الإباحة ثم على الخلاف، والقول بتقديم الإباحة لا أعرفه عن أحد، ثم تقديم النهي معلوم من قوله هنا:"النهي على" الأمر، والأمر على "الإباحة"؛ فإنه صريح في أن النهي متقدم على الإِباحة، فقوله بعده: والإباحة على النّهي يناقضه، فلا يجعل بكلام الشارحين هنا، فما فيه غير تعسّفات لا حاصل لها.
وقد قلنا غير مرة: إن الصواب أن يرد من كلام المصنفين ما يجب ردّه، ويقبل ما يجب قبوله.
فأما التكليف والتخيُّل والحمل على أبعد المحامل بِلَطَافَةِ الوهم، ومنعه التخيل، وركوب الصَّعْب في ذلك دون المدلول، فهو عندنا شيء تستنكره العقول، ولا يرضاه لنفسه ذو نفس أبيّة، ولا يحفل به إِلا من مَلَكَتْهُ العصبية، وأخذته العزة بالحميّة، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إِلا صاحب القبر ﷺ.