للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأَقَلُّ احْتِمَالًا عَلَى الأَكثَرِ، وَالْحَقِيقَةُ عَلَي الْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ عَلَى الْمَجَازِ بِشهْرَةٍ مُصَححَةٍ أَوْ قُوَّتِهِ، أَوْ قُرْب جِهَتِهِ، أَوْ رُجْحَانِ دَلِيلِهِ، شُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ، وَالْمَجازُ عَلَى الْمُشْتَرَكِ عَلَي الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَالأَشْهَرُ مُطْلَقًا، وَاللُّغَوِيُّ الْمُسْتَعْمَلُ شَرْعًا عَلَى الشَّرْعِيِّ؛ بِخِلافِ الْمُنْفَرِدِ الشَّرْعِيِّ.

وابن الحاجب ليس بمعصومٍ، وما أحسن قول سلطان العلماء شيخ الإِسلام عز الدين بن عبد السَّلام في "القواعد" وقد استشكل مذهب الشَّافعي في كون الرشد صلاح الدين والمال، وقد تكلّف له تكلفًا مشكلًا: الفقيه من رأى الواضح واضحًا فقد كلّف نفسه شططًا، فإن كان عاقلًا كان أول ماقتٍ لنفسه، والتعصّب للحق على الرجال أولى من التعصُّب للرجال على الحق. انتهى.

الشرح: "والأقل احتمالًا" يرجّح "على الأكثر"؛ لبعده عن الاضطراب، "والحقيقة على المجاز"؛ لعدم افتقارها إلى القرينة، "والمجاز" يرجّح على "المجاز" إما "بشهرة مصححه" أي: مصحح ذلك المجاز، وذلك بأن يكون ما به الاشتراك أعني: العلاقة بينه وبين محلّ الحقيقة أشهر مما به الاشتراك بين المجاز الآخر وحقيقته، "أو قوته" أي: بكون علاقة أحد المجازين أقوى من الآخر، "أو قرب جهته" إلى الحقيقة بأن كانت أقرب إليها من الآخر، "أو برجحان دليله" على دليل المجاز الآخر "أو شهرة استعماله" بأن كان أحدهما أشهر استعمالًا من الآخر، "والمجاز" راجح "على المشترك على الصَّحيح كما تقدم" في أوائل الكتاب.

"والأشهر" راجح "مطلقًا" أي: في اللغة" أو الشرع أو العرف على غير الأشهر، "واللغوي"، وهو اللفظ "المستعمل" في اللغة لمعنى: إذا استعمل "في الشرع" لموضوعه اللغوي أيضًا راجح "على الشرعي"، وهو المستعمل في الشرع لمعناه الشرعي الذي لم تضعه العرب له؛ لأن الأصل موافقة الشرع للغة، "بخلاف" اللَّفظ "المنفرد الشرعي"؛ فإنه أظهر، والحاصل أن اللُّغوي المستعمل شرعًا في موضوعه الأصلي أرجح مما نقله الشَّارع عن معناه اللُّغوي؛ لعدم التغيير والبعد، بخلاف المنفرد الشرعي، وهو ما له معنى شرعي وللآخر معنى لغوي؛ فإن حمله على الشرعي أظهر كما تقدم في موضوعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>