للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ بِالْبَعْضِ، وَيَطَّرِدُ؛ لأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدِلَّةِ الْأَمَارَات، وَبِالْجَمِيعِ، وَيَنْعَكِسُ؛ لأَنَّ الْمُرَادَ تَهَيُّؤهُ لِلْعِلْمِ بِالجَمِيعِ.

"وأجيب بالبعض، ويطرد؛ لأن المراد بالأدلّة: الأمارات"؛ وهي الَّتي تفيد الظنّ - يُحتاج في الاستدلال بها إلى معرفة التَّعارُض، وليس ذلك ولا بعضُه في المقلّد.

"وبالجميع، وينعكس؛ لأن المراد - تهيؤه"، أي: تهيؤ المجتهد "للعلم بالجميع"، لا نفسُ العلم بالجميع، والعلم "بهذا المعنى" لا ينافي ثبوت "لا أدري" ولا يخفى أن المراد بالتهيؤ: الاستعداد القريب، لا كاستعداد العامِّي.

وأشهرُ ما اعترض (١) به على الحَدّ: أن "الفقه" من باب الظُّنون، فكيف قيل فيه: العلم؟.

وهو مشكِلٌ، أورده شيخ الجماعة، ومقدَّم الأشاعرة "القاضي أبو بكر"، والتزم لأجله جماعةٌ العنايةَ بالحَدّ، فقالوا: المراد بالعلم: الإدراك (٢).

وقيل: الصواب أن ويقال العلم أو الظَّنّ.


= الأحكام كذلك؛ لأنّا لا نريد به العامي، بل من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وقد يكون عالمًا يمكنه ذلك مع أنه ليس بفقيه إجماعًا، وإن كان هو الكل لم ينعكس؛ لخروج بعض الفقهاء عنه؛ لثبوت "لا أدري" عمّن هو فقيه بالإجماع.
نُقِلَ أن مالكًا سُئلَ عن أربعين مسألة، فقال في ستة وثلاثين منها: "لا أدري" كما حكى المصنف عليه رحمة الله. والجواب: أنَّا نختار أن المراد البعض.
قولكم: "لا يطرد لدخول المقلد فيه" ممنوع؛ إذ المراد بالأدلة الأمارات، ولا يعلم شيئًا من الأحكام كذلك إلَّا مجتهد يجزم بوجوب العمل بموجب ظنّه.
وأمَّا المقلد فإنما يظنه ظنًّا، ولا يفضي به إلى علم، لعدم وجوب العمل بالظنّ عليه إجماعًا، أو نختار أن المراد الكل.
قولكم: لا ينعكس؛ لثبوت "لا أدري".
قلنا: ممّ؟ ولا يضر ثبوت "لا أدري" إذ المراد بالعلم بالجميع المتهيؤ له، وهو أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامه بأن يرجع إليه، فيحكم، وعدم العلم في الحالة الراهنة لا ينافيه؛ لجواز أن يكون ذلك لتعارض الأدلة، أو لعدم التمكن من الاجتهاد في الحال لاستدعائه زمانًا. ينظر شرح مقدمة ابن الحاجب (٦) خ.
(١) في ج: ما يعترض، وفي ح: مفترض.
(٢) قلت: المراد الإدراك الجازم المطابق الثابت لموجب قطعي. ينظر: الصبان على شرح السلم (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>