للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: الْعِلْم، وَالْأَوَّلُ: إِمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ النَّقِيضَ عِنْدَ الذَّاكِرِ، لَوْ قَدَّرَهُ أَوْ لَا، وَالثَّانِي: الاعْتِقَاد، فَإِنْ طَابَقَ، فَصَحِيحٌ، وَإِلَّا فَفَاسِدٌ، وَالأَوَّلُ: إِمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ النَّقِيضَ، وَهُوَ رَاجِحٌ أَوْ لَا، فَالرَّاجِحُ: الظَّنُّ، وَالْمَرْجُوحُ: الْوَهْم، وَالْمُسَاوِي: الشَّكّ، وَقَدْ عُلِمَ بِذلِكَ حُدُودُهَا.

والأول: إما أن يحتمل النقيض عند الذّاكر (١) لو قدره أي: يكون بحيث لو قدر الذَّاكر النقيض، لكان محتملًا عنده، "أوْ لا.

والثاني: الاعتقاد، فإن طابق الواقع، فصحيحٌ، وإلَّا ففاسدٌ.

والأول: إما أن يحتمل النقيض، وهو راجح، أوْ لا"، بل مرجوحٌ، أو مُسَاوٍ.

"فالرَّاجح: الظَّن، والمرجوح: الوهم، والمُسَاوي: الشَّك".

وإنما جعل مورد التقسيم. ما عنه الذكر الحكمي، دون الاعتقادِ أو الحكمِ؛ لتناول الوَهْم والشك؛ مما لا اعتقاد ولا حكم للذهن فيه.

"وقد علم بذلك حدودها"، بأن يقال: العلم: ما عنه الذكر الحُكْمي الذي لا يحتمل متعلَّقه النقيض بوجه، والظن: الذي يحتمل متعلقه النقيض عند الذاكر، لو قدره، إذا كان راجحًا، وهكذا إلى آخر التقسيم.

وهذا اصطلاح الأصوليين، وربما أطلق الفقهاء على الظَّن الغالب علمًا، ولذلك لما ذكروا الخلاف في أنّ القاضي، هل يقضي بعلمه؟ مثلوا له؛ بما إذا ادّعَى عليه مالًا، وقد رآه القاضي أقرضه ذلك، أو سمع المدَّعَى عليه أقر بذلك.

قال الرافعي: ومعلوم أن رؤية الإقراض (٢)،


(١) في ت: الذكر.
(٢) القراض كالمضاربة معنىً، فهما لفظان مترادفان، إِلَّا أن القراض: لغة أهل الحجاز. والمضاربة: لغةُ أهل العراق. واختلف العلماء في مبدأ اشتقاقه. فقال صاحب "العَيْنِ": هو من أقْرَضَ، فنقول: أقرضتُ الرجل، إذا أعطيته ليعطيك، فالمقارضُ يعطى الربح كما يعطى المقترض مثل المأخوذ. وقال غيره: هو من المقارضة، وهي المساواة، ومنه: تقارض الشاعران، إذ تساويا في الإنشاد؛ لأنهما يستويان في الانتفاع بالربح. وقيل: من القَرْضِ الذي هو القطع؛ لأن المالك قطع للعامل من ماله قطعة يعمل فيها، والعامل قطع للمالك قطعة من الربح الحاصل بسعيه. فإطلاق لفظ القراض على إعطاء شخص غيره جزءًا من ماله ليتجر فيه على أن يكون له بعض الربح إطلاق لغوي، والدليل على ذلك ما قاله بعض الصحابة لعمر بن الخطاب في قصة عبد الله وعبيد الله: "لو جعلته قراضًا" =

<<  <  ج: ص:  >  >>