للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنكرات، وليس بالأحكام الشرعية - والحمد لله - افتقارٌ إلى المنطق أصلًا، وما يزعمه المَنْطقيُّ لِلْمَنْطِقِ في أمر الحد والبرهان - فقاقيع قد أغنى الله عنها كلّ صحيح الذّهن؛ لا سيما من خدم نظريات العلوم الشرعية، ولقد تمت الشريعة، وخاض في بحر الحقائق والدقائق علماؤها، حيث لا منطق. انتهى، وتابعه غير واحد ممن بعده.

ورأيت في المسائل التي سألها يوسفُ بن محمد بن مقلد الدمشقي، الشيخَ الإمام أبا منصور العطاردي، المعروف بـ"حضرة": هل يجوز الاشتغال بالمنطق، أم هو دِهليز الكفر؟.

أجاب: المنطقُ لا يتعلَّق به كفر ولا إيمان، ثم قال: إن الأولى ألّا يشتغل به؛ لأنَّهُ لا يأمن الخائض فيه؛ أن يجره إلى ما لا ينبغي، انتهى.

ونحن نقول: قول يوسف الدمشقي: "أبو بكر، وعمر، وفلان، وفلان"، المتقدم - كلام لا حاصل له؛ فإن أبا بكر، وعمر أحاطا بهذه المقدمة إحاطةً لم يصل (١) الغزالي وأمثاله إلى عُشْرِ (٢) معشارها، ومن زعم أنهما لم يحيطا بها (٣)، فهو المسيء (٤) عليهما، والذي نقطع (٥) به أنها كانت ساكنة في طِبَاعِ أولئك السَّادات، وسَجِيَّةً لهم، كما كان النَّحو الذي نَدْأَبُ نحن اليوم في تحصيله.

وما ذكره الشيخ أبو عمرو بن الصَّلاح ليس بالخالي عن الإفراط والمبالغة؛ فإن أحدًا لم يدع افتقار الشَّريعة إلى المَنْطِقِ، بل قصارى المَنْطِقِ، عصمةُ الأذهان [التي] (٦) لا يوثق بها؛ عن الغَلَطِ، وهو حاصل عند كلّ ذي ذهن بمقدار ما أوتي من الفَهْمِ.

وأما ترتيبه على الوَجْهِ الَّذي يذكره المنطقيُّ، فهو (٧) أمر استحدث؛ ليرجع إليه ذو الذِّهن، إذا استبهمت (٨) الأمور، وهل المنطق للأذهان إلا كالنحو للسان، وإنما احتيج للنحو، وصار علمًا برأسه عند اختلاط الألسنة، وكذلك المنطق، يدعي الغزاليُّ؛ أن الحاجة اشتدت إليه عند كَلَالِ الأذهان، وَاعْتِوَارِ الشُّبُهَاتِ.

وقوله: "لقد تمَّت الشريعة حيث لا مَنْطِقَ"؛ إن أراد حَيْثُ لا منطق مودعٌ في الكتب على


(١) في ت: يحصل.
(٢) في أ: معشر.
(٣) في أ، ب، ج، ح: به.
(٤) في ت: وهو المسمى، وهو تحريف.
(٥) في ت: يقطع.
(٦) سقط في ت.
(٧) في ت: وهو.
(٨) في ح: اشتبهت.

<<  <  ج: ص:  >  >>